للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذلك بقى المضاف إليه على إعرابه (١). وهذا وإن كان على خلاف قياس حذف المضاف مخصوص عنده بكل ومثل إذا قصد بها التحقيق لا التشبيه، كقولك: ما مثل عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك. وإنما اختصتا بذلك من حيث كانا لذات واحدة في المعنى، فلما تقدم ما يدل على ذلك اغتفر أمر الحذف وبقي أثره على ما كان عليه. فعلى ذلك لا يكون قوله: ونار توقد بالليل ناراً، عطفا على عاملين من حيث كان "نار" مخفوضا بكل مقدرة في حكم الوجود، فكأنه قال: وكل نار. ولو صرح وقال: وكل نار، لم يكن عطفا على عاملين اتفاقا، فكذلك إذا كان "كل" مراداً وجودها، لأنه يكون عطفا على معمولي "تحسبين" خاصة، وهو عامل واحد. وكثير من النحويين لا يقدر تقدير سيبويه لأنه عنده يوجب إعرابه بإعراب المحذوف على القياس المعروف في حذف المضاف، فيجعله معطوفاً على أمرئ المخفوض أولاً، ويجعل ناراً المنصوبة معطوفا على "امرأ"، ويجوز هذا الضرب من العطف على عاملين وهو أن يكون الأول منهما مخفوضاً، وأن يكون المعطوف جاء على الترتيب الأول كقولك: في الدار زيد والحجرة عمرو، وأشباه ذلك. وسيبويه يمنع في هذه المسائل. وقد استدل القائلون بها بمثل قوله تعالى: {واختلاف الليل والنهار} (٢)، إلى آخر الآية. وهو ظاهر فيما ذكروه، لأنه تقدم: {وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات} (٣)، على الرفع والنصب، كلاهما سواء. ثم قال: واختلاف، فطعفه على خلقكم. ثم قال: آيات، بالرفع عطفا على آيات التي مع (وفي خلقكم) وبالنصب


(١) قال سيبويه: "فاستغنيت عن تثنية كل لذكرك إياه في أول الكلام، ولقلة التباسه على المخاطب". الكتاب ١/ ٦٦. والمراد بالتثنية ذكره ثانياً.
(٢) الجاثية: ٥ وبعدها: "وما أنزل الله من السماء من رزق فأحي ابه الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون".
(٣) الجاثية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>