للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخا الحرب لباساً إليها جلالها ... وليس بولاج الخوالف أعقلاً (١)

موضع استشهاده (٢) في قوله: جلالها، فإنه منصوب بقوله: لباساً، فإنه أورده على ما ذكره سيبويه من قوله (٣): "وأجروا اسم الفاعل إذا أرادوا أن يبالغوا في الأمر مجراه إذا كان على بناء فاعل".

ومعنى البيت: أنه يصف هذا المذكور بالشجاعة والمبادرة إلى الحرب. والجل بالضم واحد جلال الدواب، وجمع الجلال أجلة، كأنه جمع الجمع، والمراد ههنا به الدروع أو ما يقوم مقامها مما يدفع به عن نفسه السلاح، والخوالف جمع خالفة، وهي عمود من أعمدة الخباء. والخوالف أيضاً في قوله: {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف} (٤) النساء.

وأما إعراب "أخا الحرب" فهو منصوب على المدح. و"لباساً" بدل منه، بدل كل من كل. ولا يستقيم أن يكون "أعقلاً" حالاً، لأنه يؤدي إلى أن يكون الولوج المنفي مقيداً لا منفياً على الإطلاق، فيضعف المعنى المراد لأن الغرض نفي هذه الدنية مطلقاً لا نفيها في حال دون حال. وأنت إذا قيدتها بـ "أعقلا" جعلته نفاها في حال دون حال. وبعير أعقل وناقة عقلاء بينة العقل، وهو التواء في رجل البعير واتساع كثير. قال ابن السكيت (٥): "هو أن يفرط الروح حتى يصطك العرقوبان، وهو مذموم" (٦).


(١) هذا البيت من الطويل. وقد نسبه سيبويه للقلاخ ١/ ١١١. وهو من شواهد المقتضب ٢/ ١١٣، وابن يعيش ٦/ ٧٠، واللسان (ثعل)، والهمع ٢/ ٩٦، والشاهد فيه قوله: لباساً، وهي صيغة مبالغة قد عملت عمل فعلها فنصبت (جلالها).
(٢) في م، س: الاستشهاد.
(٣) الكتاب ١/ ١١٠.
(٤) التوبة: ٨٧.
(٥) هو يعقوب بن إسحق المعروف بابن السكيت. من مؤلفاته، إصلاح المنطق، الألفاظ، الأمثال، المقصور والممدود، المذكر والمؤنث. مات سنة ٢٤٤ هـ وقيل سنة ٢٤٦ هـ وبلغ عمره (٥٨) سنة. انظر وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٥، بغية الوعاة ٢/ ٣٤٩.
(٦) انظر إصلاح المنطق صفحة ٥٣ (تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون).

<<  <  ج: ص:  >  >>