للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعلية. ومذهب البصريين أنهما إذا وجها إلى شيء وجب إذا أعمل أحدهما أن يكون في الآخر ضمير الفاعل على حسب الظاهر المذكور، كقولك: ضرباني وأكرمني الزيدان أو ضربني وأكرماني الزيدان (١). وإذا وجب ذلك اقتضى أن يكون في أحدهما ههنا ضمير لثلاث الأثافي والديار البلاقع، وهو جمع لا يعقل، وقياسه أن يكون ضميره ضمير جمع المؤنث، أو ضمير الواحدة المؤنثة، فيكون: يرجعن التسليم أو يكشف أو يرجع التسليم أو يكشفن أو ترجع التسليم أو يكشف أو يرجع التسليم أو تكشف. ولم يجيء على واحدة من الأربع (٢) الصور المذكورة. وإنما جاء بالياء فيهما جميعاً ولا يكون فيه على ذلك ضمير، وهذا مما يقوي به مذهب الكسائي، فإنه يزعم إذا وجه الفعلان إلى ظاهر فأعمل فيه أحدهما، وكان الآخر موجهاً على جهة الفاعلية، أن الفاعل لا يضمر، وأنه يحذف (٣)، وهذا كذلك، فإنه أعمل أحدهما بلا خلاف والآخر موجه إلى الفاعلية بلا خلاف ولم يضمر فيه، إذ لو أضمر لكان على ما ذكرناه، ولو قدر فيه إضمار لوجب أن يكون ضمير المفرد المذكر، ولا يصح أن يكون ضمير الواحد المذكر للجمع.

وقد أجيب عن ذلك بأمرين: أحدهما: أن الفعلين لم يوجها إلا على البدل، والإضمار إنما يكون في توجيههما جميعاً على التحقيق، وليس بالجيد، فإنه لم يجب الإضمار إلا من حيث إنه يؤدي إلى إخلاء لفظ الفعل عن الفاعل، وليس من لغتهم. ولا فرق بين أن يكون الفعل على البدل أو على التحقيق. ألا ترى أنه يجب الإضمار في قولك: قام الزيدون أو قعدوا، كما يجب في قولك:


(١) ويختار البصريون إعمال الثاني لأنه أقرب الطالبين إلى المطلوب. ويختار الكوفيون إعمال الأول لأنه أول الطالبين واحتياجه إلى ذلك المطلوب أقدم من احتياج الثاني. انظر الرضى على الكافية ١/ ٧٩.
(٢) أضيف هذا العدد إلى ما فيه أل، لكن ابن الحاجب لم يجرده منها، فسار بذلك على مذهب الكوفيين في هذه المسألة. ومذهب البصريين تجريده منها فيقولون: أربع الصور.
(٣) انظر الرضى على الكافية ١/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>