للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قام الزيدون وقعدوا. ولو كان ما ذكروه مستقيما لجاز أن يقال: قام الزيدون أو قعد، إذ لا فرق بينهما في المعنى المقتضى لوجوب الإضمار. والوجه الثاني: أن يقدر الإضمار على تقدير كما قيل (١) في قوله تعالى: {نسقيكم مما في بطونه} (٢) فقد رجع ضمير المذكر على الجمع بتأويل المذكور. وهو أجدر من حيث كان "ثلاث" ليس بجمع صريح. وكذلك قول رؤية: فيها خطوط من سواد ويلق (٣) "، فأعاده وهو ضمير مذكر على خطوط وهو جمع، أو على سواد ويلق وهو مثنى، وكلاهما سواء في الغرض من صحة إعادة الضمير بتأويل المذكور وإن لم يكن صالحا له باعتبار أصل وضعه. وهذا الوجه أيضاً بعيد، إلا أنه أوجه من الأول. ودليل احتماله ما علم من قصد محافظتهم على الفاعل، وأنهم لا يحذفونه أبداً. وإذا علم ذلك منهم وجب التأويل فيما يخالفه وإن كان بعيداً، لأن البعيد جائز وخلاف المعلوم غير جائز.

وما في قوله: {وإن لكم في الأنعام} (٤)، محمول عند سيبويه على أن الأنعام اسم مفرد وإن كان مدلوله جمعا (٥)، كما في قولك: كل الناس ضربته، لا على أنه الجمع المحقق حتى اغتفر تأويل الأنعام إلى اسم الجمع ولم يغتفر جعل الضمير راجعاً إليه مع كونه جمعا.

و"التسليم" مفعول ب "يرجع" لأنه ههنا بمعنى: صيرته راجعاً، كقوله تعالى: {فإن رجعك الله} (٦)، ورجع: يكون لازما ومتعديا، يقال: رجع زيد


(١) قيل: سقطت من م، س.
(٢) النحل: ٦٦.
(٣) انظر الإملاء (٥٩) من هذا القسم.
(٤) النحل: ٦٦.
(٥) قال سيبويه: "وأما أفعال فقد يقع للواحد. من العرب من يقول: هو الأنعام". الكتاب ٣/ ٢٣٠.
(٦) التوبة: ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>