للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وقوع اسم الفعل موقع المصدر فلم يثبت ذلك إلا على أمر مقدر. وما كان ثابتاً جنسه من غير تقدير أقوى مما لم يثبت إلا بتقدير، فثبت أن هذا الوجه أعرب من الأول (١).

[إملاء ٦٩]

[الأولى في "لله دره فارساً" التمييز]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة ثماني عشرة على المفصل في قوله (٢): "لله دره فارساً" وشبهه: الأولى فيه التمييز. وانتصابه على الحال ضعيف. لأنه لا يخلو إما أن تكون حالاً مقيدة أو مؤكدة، وكلاهما غير مستقيم. أما المقيدة فلأن قولك: لله دره فارساً، لم ترد به المدح في حال الفروسية، وإنما تريد مدحه مطلقاً، بدليل أنك تقول: لله دره كاتباً، وإن لم يكن يكتب، بل تريد الإطلاق بذلك. وكذلك: لله دره عالماً. والحال المؤكدة أيضاً غير مستقيمة، لأن الحال المؤكدة شرطها أن يكون معنى الحال مفهوماً من الجملة التي قبلها. وأنت ها هنا لو قلت: لله دره، لكان محتملا للفروسية وغيرها، ولكان قولك: لله دره عالما أو رجلا أو كاتباً، لا يفيد إلا ما أفاده الأول، ولا خلاف في جواز ذلك، فدل والحالة هذه على انتفاء الحال المقيدة والحال المؤكدة، وإذا بطلا ثبت التمييز، وكذا الكلام في: أبرحت جارا (٣)، وعظمت جارا، وقوله:


(١) لقد ذهب كثير من النحويين منهم الأخفش إلى أن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب. وذهب المازني ومن وافقه إلى أنها في موضع نصب بمضمر. ونقل عن سيبويه وعن الفارسي القولان. انظر حاشية الصبان على الأشموني ٣/ ١٩٦.
(٢) ص ٦٦.
(٣) البيت بتمامه:
تقول ابنتي حين جد الرحيل ... فأبرحت رباً وأبرحت جارا
وهو من المتقارب. وقائله الأعشى. انظر ديوانه ص ٤٩. وهو من شواهد سيبويه ٢/ ١٧٥، والخزانة ١/ ٥٧٥. والشاهد فيه نصب (ربا) و (جارا) على التمييز.

<<  <  ج: ص:  >  >>