للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك (١) في المحل المخصوص لما كان الوهم نشأ منه. فقوله: أفعل إذا كان صفة لا ينصرف، لا يلزمه أن يصرف لما تقدم من قوله: إن كل أفعل غير صفة، لأنه ههنا قد وجدت فيه علتان مقتضيتان لمنع الصرف، وهما العلمية ووزن الفعل، فوجب أن يكون غير منصرف، فتبين بذلك أنه لا يلزم من نفي الصفة عن قوله: كل أفعل، على سبيل التبيين، رفع الوهم عمن توهم الوصفية فيه أن يكون كل ما ليس بصفة منصرفاً. فظهر أن قول أبي علي الفارسي: لم يصنع المازني شيئاً، مستقيم، وأراد به ما ذكرناه، ولم يبينه لأنه كالظاهر عنده، ولا شك أنه ليس بخفي (٢).

ثم شرع صاحب الكتاب في تبين استعمال هذه الألفاظ أعلاماً. فقال: "في قولهم (٣): فعلان الذي مؤنثه فعلى، وأفعل صفة، لا ينصرف" خبر (٤) عن قوله: فعلان، وعن قوله: أفعل، جميعاً في المعنى وفي الفظ، لأنه إما أن يكون للأول وإما أن يكون للثاني. فكأنه قال: فعلان الذي مؤنثه فعلى لا ينصرف، وأفعل صفة لا ينصرف. كما تقول: زيد وعمرو قائم، وهو جائز باتفاق. ولا يستقيم أن يقال: إنه خبر عن الثاني، والأول منقطع عنه معنى ولفظاً، لأنه قصد إلى بيان استعمال النحويين له في كلمهم. والنحويون لا يقولون: فعلان الذي مؤنثة فعلى، ويقتصرون، فلابد من جزء آخر ينضم إليه ليكون قولاً، ولا جزء يمكن ضمه إلا ما ذكرناه، فوجب تقديره لأنه هو الموجود، ولأنهم كذلك يستعملونه.

ثم قال: "وزن: طلحة وإصبع: فعلة وافعل". يعني وفي قولهم: وزن


(١) ذلك: سقطت من د.
(٢) انظر الإيضاح لابن الحاجب ١/ ٩٧.
(٣) في المفصل: قولك.
(٤) الخبر هو قوله: لا ينصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>