للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمل في صاحبها، والعامل في صاحبها هو الفعل والجار جميعاً. إلا أن عمل الجار لفظي وعمل الفعل معنوي، فينبغي أن يكونا عاملين في الحال من حيث اللفظ والمعنى، إلا أنهما ههنا بالعكس، عمل الفعل لفظي وعمل الحرف معنوي، والعرب لا تقدم معمول الجار عليه. فكما لا يجوز تقدم زيد على الباء فكذلك لا يجوز تقدم فرعه الذي هو حاله ومعمول عامله على الباء. وقد أجازه بعض النحويين حمكماً عليه بأنه كالمرفوع والمنصب (١)، ولم ينتبهوا للفرق، ولولا الفرق لكان الأمر على ما قالوه (٢).

قوله: "ومن حقها أن تكون نكرة وذو الحال معرفة". والذي يدل على كونها نكرة أمران: أحدهما: الفرق بينها وبين الصفة في كثير من المواضع، لأنك لو قلت: ضربت زيداً القائم، لاشتبه بالصفة. الثاني: أن المقصود الهيئة، والهيئة تحصل بالنكرة كما تحصل بالمعرفة. إلا أن النكرة أولى لخفتها لفظاً وتقديراً. أما اللفظ فلأن قولك: قائم، أخف من قولك: القائم. وأما التقدير فلأن أصل الأسماء التنكير، وما كان أصلاً كان أخف (٣).

قوله: "وذو الحال معرفة". ليس بلازم أن يكون ذو الحال معرفة إلا في الحال الذي لا يجب تقديمها وهو الذي قصده، لأن ذا الحال قد يكون نكرة وتكون الحال واجبة (٤) تقديمها.


(١) وقد أجازه ابن كيسان قياساً إذا كان العامل فيه الفعل حقيقة. انظر ابن يعيش ٢/ ٥٢.
(٢) وقد صرح ابن الحاجب بمنعه في الإيضاح. قال: "فثبت أن الوجه امتناعه" ١/ ٣٣٠.
(٣) قال أبو البركات الأنباري: "فإن قيل: لم وجب أن يكون الحال نكرة؟ قيل: لأن الحال جرى مجرى الصفة للفعل، ولهذا سماها سيبويه نعتاً للفعل، والمراد بالفعل المصدر الذي يدل الفعل عليه وإن لم تذكره. ألا ترى أن جاء يدل على مجيء. وإذا قلت: جاء راكباً، دل على مجيء موصوف بركوب. فإذا كان الحال يجري مجرى الصفة للفعل وهو نكرة، فكذلك وصفه يجب أن يكون نكرة". أسرار العربية ص ١٩٣.
(٤) هكذا في جميع النسخ: والصواب حذف الثاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>