للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نونه أو تحذف، فكرهوا حذفها لأنه ليس بجمع على الحقيقة، وكرهوا إثباتها لأنه يشبه الجمع.

وأما المثنى فهو مثنى على الحقيقة. فجاز حذف نونه قياساً على سائر المثنيات عند الإضافة.

قال: "وتمييز المفرد أكثر (١) فيما كان مقداراً". وقد يكون فيما ليس إياها كقولهم: لله دره فارساً. ولم يذكر له ضابطاً. وحقيقته أنه راجع إلى معنى الانتصاب عن الجملة كما ينتصب "أبا" في قولك: الطيبون أبا، وإن كانت صورته صورة المفرد فهو راجع إلى معنى الجملية. لأن معنى قولك: الطيبون، طابوا أبا. ولم يجيء التمييز فيه إلا بهذا الاعتبار، وكذلك: لله دره فارساً، وحسبك به ناصراً، معناه: اكتف به نصرة، وأتعقب منه فروسية، وأعظمه رجولية. والذي يبين أنه منتصب باعتبار الجملية أن كل تمييز عن معنى جملي يجوز فيه الجمع والإفراد إن كان المعنى يحتمله. وكل تمييز عن مفرد لا يجوز فيه إلا الأفراد كـ "عشرون درهماً". وهذا يجوز أن يكون جمعاً، لأنك لو قلت: لله درهم فرساناً، لكان جيداً. فيتبين أنه منتصب عن معنى جملي لا عن إفراد.

قال: "ولقد أبي سيبويه تقدم المميز على عامله" (٢). لا يجوز تقدم التمييز مطلقاً (٣) لأمرين: أحدهما: أن العامل فيه كله الأمر المحتاج إلى


(١) في المفصل: أكثره ص ٦٦، وكذلك في نسخة ب.
(٢) قال سيبويه: "وذلك قولك: امتلأت ماء وتفقأت شحماً، ولا نقول: امتلأته ولا تفقأته. ولا يعمل في غيره من المعارف، ولا يقدم المفعول فيه فتقول: ماء امتلأت". ١/ ٢٠٥.
(٣) قال ابن الحاجب: "لا خلاف أن تقديم تمييز المفردات غير جائز عند الجميع، فلا يجوز: عندي درهماً عشرون، وكذلك ما أشبهه. وإنما الخلاف فيما انتصب عن الجملة المحققة كقولك: طاب زيد نفساً وحسن زيد أبا. وأجاز المازني والمبرد التقديم ومنعه سيبويه". الإيضاح ١/ ٣٥٦. وانظر أوضح المسالك ٢/ ٣٧١. والصبان ٢/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>