للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرفع في الصفة في قولك: لا أب وابناً مثل، إنما يصح لأن قولك: لا أب، في محل رفع، فيبقى قولك: وابناً، منصوباً لفظاً ومحلا، فتصير قد وصفت بصفة واحدة اسمين، أحدهما مرفوع والآخر منصوب على التبعة اللقظية. وهذا مثل قولك: يا زيد وعبد الله العاقلين. لا يجوز الرفع لأنهما لم يتفقا في جهة، إذ أحدهما منصوب لفظاً ومحلاً، فلا وجه لجرى الرفع عليه ويجب النصب لاتفاقهما باعتباره، لأن الأول منصوب محلاً والثاني منصوب لفظاً ومحلا، فأجريت الصفة على ما اتفقا، لا على ما اختلفا. فإجراء الصفة ههنا على المحل واجب كإجراء الصفة ثم على اللفظ، لأنهما ههنا اتفقا بالمحل واختلفا باللفظ، وثم اختلفا بالمحل واتفقا باللفظ، فلذلك كانت الصفة باعتبار الاتفاق.

قال: "وإن تعرف فالحمل على المحل لا غير" (١). قال: لأن دخول النصب فيه فرع دخول الفتح فيه إذا كان منفياً، ولا يدخله الفتح فلا يدخله هذا النصب الذي هو فرعه، لأن دخول الفتح إنما كان لتضمنه معنى الحرف. ألا ترى أن معنى قولك: لا رجل، لا من رجل. ولا يتقدر مثل ذلك في: لا زيد، لأن "من" ههنا جيء بها لتأكيد نفي المتعددات، وليس في قولك: لا زيد، تعدد.

قال: "ويجوز رفعه إذا كرر". قال الله تعالى {فلا رفث ولا فسوق} (٢). وقال: {لا بيع فيه ولا خلة} (٣).

قال الشيخ: خص الرفع بالذكر وإن كان فيه إذا كرر خمسة أوجه على ما


(١) كقولك: لا غلام لك والعباس، ولا غلام لك وزيد. قال ابن يعيش: "لا يجوز نصبه بالحمل على عمل (لا)، لأن (لا) لا تعمل إلا في النكرةن وإنما ترفعه على موضع (لا) وما عملت فيه لأن موضعهما ابتداء". شرح المفصل ٢/ ١١٠.
(٢) البقرة: ١٩٧.
(٣) البقرة: ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>