للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوله صاحب المذهب المعتذر عنه. فإن الفاء عند سيبويه لا تزاد في خبر المبتدأ (١).

وما ذكره بعضهم من أن "الذي خبر "إن" و"فإنه ملاقيكم" جملة أخرى، ليس بمستقيم لأن المعنى على الأخبار بأن الموت يلاقيهم لا على أن الموت هو الذي يفرون.

وقد يجاب عن قوله: "إن الذين فتنوا"، بأنه سيق في قوم معهودين، وشرط "الذي المشبهة بالشرط أن لا يكون في قوم مخصوصين، فهو مشترك الإلزام، فيجب أن يقدر الخبر محذوفاً، فلا يبقى في الآية جهة استدلال.

والجواب: منع أنها مخصوصة بمن تقدم ذكره من أصحاب الأخدود، وإن كان ذلك هو السبب.

وقد يكون السبب خاصاً والحكم عاماً، فالعمل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ألا ترى أنه لو قيل: كفر زيد ومن كفر فله نار جهنم، لم يمنع مخصوص زيد من حمل من كفر على العموم، وإن كان هو السبب، فكذلك هذا.

وأما دليل الأخفش: فإنه يقول: جملة مصدرة بـ "الذي" لا يتغير (٢) معنى خبرها في التصديق والتكذيب بما طرأ عليها، فجاز أن تدخل في خبرها الفاء إذا قصد معنى السببية قياساً على ما يطرأ فيها مما لا يغير المعنى، كقولك الذي يكرمني فله درهم (٣).


(١) الكتاب ١/ ١٣٨.
(٢) في الأصل: يتعين. وهو تحريف.
(٣) والآيتان اللتان أوردهما ابن الحاجب حجة للأخفش أوردهما سيبويه في كتابه وأجاز فيهما دخول الفاء. وشبه دخول الفاء فيهما وفي أمثالهما كدخولها في الجزاء. انظر الكتاب ٣/ ١٠٢، ١٠٣. فهما حجة على من يقول إن سيبويه لا يجيز دخول الفاء في خبر إن. فهو لا يجيزه في الكلام الذي لا يشبه الشرط كقولك: إن عبد الله فله درهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>