للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل سيبويه في "لولا" أنها صيغة لضمير مجرور، فوجب أن يكون ما قبلها هو العامل فيها جرا وإن لم يكن من أصل عمله الجر في غيره قياساً على لدن في قوله: لدن غدوه (١). ويستعمل مثل ذلك في "عسى". إلا أنه يقول: صيغة منصوب لا ناصب له يمكن تقديره سوى "عسى"، فوجب أن يكون "عسى" هو العامل فيها نصبا وإن لم يكن من أصل عمله النصب في غيره قياساً على لدن (٢).

ووجه قول الأخفش في: لولا وعسى، أنه موضع لو وقع فيه الظاهر لكان مرفوعاً، فوجب أن يحكم على محل المضمر الواقع موقعه بذلك قياساً على سائر الضمائر، إلا أنه يحتاج إلى الاعتذار عن وقوع صيغة المجرور في "لولا". في محل الرفع، وعن وقوع صيغة المنصوب في "عسى" في محل الرفع أيضاً بأنه لا بعد في استعارة صيغة أحد البابين في الآخر. فكما أوقعوا صيغة المرفوع في المجرور في قولهم: مررت بك أنت وبه هو وبنا نحن، وما أنا كانت، فكذلك أوقعوا صيغة المجرور في محل الرفع في "لولا" وكما أوقعوا صيغة المرفوع في محل المنصوب في قولهم: ضربتك أنت وضربته هو، كذلك أوقعوا صيغة المنصوب في محل المرفوع في قولهم: عساك وعساني (٣).


(١) قال الشاعر:
لدن غدوة حتى ألاد بخفها ... بقية منقوص من الظل قالص
ولم يعرف قائله. وهو من شواهد المفصل ص ١٧٢.
(٢) وما ذهب إليه سيبويه هو مذهب البصريين، قال ابن الأنباري: "وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن المكني في لولاي ولولاك في موضع جر لأن الياء والكاف لا تكونان علامة مرفوع، والمصير إلى ما لا نظير له في كلامهم محال، ولا يجوز أن يتوهم أنهما في موضع نصب، لأن لولا حرف، وليس بفعل له فاعل مرفوع، فيكون الضمير في موضع نصب، وإذا لم يكن في موضع رفع ولا نصب وجب أن يكون في موضع جر". الإنصاف مسألة (٩٧).
(٣) وما ذهب إليه الأخفش، وهو من البصريين، وهو مذهب الكوفيين. قال ابن الأنباري: "أما =

<<  <  ج: ص:  >  >>