للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكر مستبعد في كلام العرب؛ فرجح جانب حذف الفاعل من الفعل على الإضمار قبل الذكر، وليس بالجيد، لأنه قد ثبت في كلامهم الإضمار قبل الذكر لغرض، ولم يثبت في كلامهم حذف الفاعل، فحمله على أمر قد ثبت مثله أولى من حمله على وجه لم يثبت مثله في كلامهم. والثالث: مذهب الفراء وهو أنه لا يجوز الإضمار ولا الحذف (١)، فيمنع جواز المذهبين جميعاً، ويوجب إما الإظهار فيهما، وإما الإظهار في الأول والإضمار في الثاني. وإن كان موجهاً على جهة المفعولية حذف قولاً واحداً إن كان مما يسوغ حذفه، كقولك: ضربت وضربني زيد، لأنهم في غنية عن أن يضمروا قبل الذكر مع كونه فضلة، بخلاف إضمار الفاعل فإنه لابد من ذكره، فلا يلزم من مخالفة القياس لأمر موجب مخالفته لأمر غير موجب. ووقع في كلام بعض العلماء المتأخرين (٢) إضماره، وليس بالجيد، وإن كان مما لا يسوغ حذفه كالمفعول الثاني من باب: علمت، والثالث من باب: أعلمت، وجب الإتيان به مظهراً، كقولك: ظنني منطلقاً وظننت زيداً منطلقاً، وكقولك: أعلمني زيد عمرا منطلقاً، وأعلمته إياه منطلقاً.

وإن أعلمت الأول لم يخل الثاني من أن يكون موجهاً على جهة الفاعلية أو المفعولية أيضاً، فإن كان موجهاً على جهة الفاعلية وجب إضماره اتفاقاً على وفق الظاهر، كقولك: ضربت وضرباني الزيدين، إذ ليس فيه إضمار قبل


(١) قال الرضي: "ونقل المصنف عن الفراء منع هذه المسألة أي: إعمال الثاني إذا طلب الأول للفاعلية وقال: إنه يوجب إعمال الأول في هذا. والنقل الصحيح عن الفراء في مثل هذا أن الثاني إن طلب أيضاً للفاعلية نحو ضرب وأكرم زيد، جاز أن يعمل العاملان في المتنازع فيكون الاسم الواحد فاعلاً للفعلين. لكن اجتماع المؤثرين التأمين على أثر واحد مدلول على فساده في الأصول، وهم يجرون عوامل النحو كالمؤثرات الحقيقية". شرح الكافية ١/ ٧٩.
(٢) المتأخرين: سقطت من د، م، س.

<<  <  ج: ص:  >  >>