للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكر، فيتوهم امتناع الإضمار إلى الحذف كما قال الكسائي، أو يتوهم الامتناع كما قال الفراء في الأولى، ألا ترى أن التقدير: ضربت الزيدين وضرباني. وحكم ما كان مقدماً في التقدير حكم المقدم حقيقة، فكما اتفق على جواز: ضربت الزيدين وضرباني، فكذلك: ضربت وضرباني الزيدين، إذ ليس بينهما إلا التقديم والتأخير الجائز، وذلك مثل: ضرب زيد غلامه، وضرب غلامه زيد. فالإضمار في قولك: ضرب غلامه زيد، سائغ على بابه لما كان زيد في التقدير مقدماً، فكذلك ما ذكرناه من المسألتين المتقدمتين.

وإن كان الثاني موجهاً على جهة المفعولية، والكلام في إعمال الأول، فالمختار الإضمار إن أمكن. ويجوز الحذف إن كان مما يحذف، كقولك: ضربني وضربته زيد، وضربني وضربت زيد. وإنما اختير الإضمار لأنه ممكن والمعنى عليه، فكان أدل على المعنى (١) وأنفى للالباس. ويجوز الحذف لأنه فضلة، كما يجوز أن تقول: ضربت، من غير أن تذكر المفعول، وهذا كله إذا لم يمنع مانع من الإضمار والحذف. فأما إذا منع مانع وجب الإظهار مثاله: ظنني وظننتهما قائمين الزيدان قائماً، فلا يجوز أن تضمر قائمين، ولا أن تحذفه. فأما مانع الإضمار فما يؤدي إليه من مخالفة بين مفعولين غير المتغايرين، أو مخالفة بين الضمير وما يعود إليه. ألا ترى أنك لو قلت: إياه، لخالفت بين ضمير الزيدين الذي هو المفعول الأول وبين إياه الذي هو المفعول الثاني في التثنية، وهو غير جائز، ولو قلت: إياهما، لخالفت بين "قائماً" الذي يعود الضمير عليه وبين "إياهما" الذي هو ضمير له، وكلا الأمرين ممتنع، فامتنع. وأما لو غيرت الضمير إلى غير ذلك لوقعت المخالفة من الوجهين جميعاً، ومثاله أن تقول: إياهم أو غياها وشبهه. وإذا امتنع: إياه وإياهما، لما يؤدي إليه من أحد المحذورين فلأن يمتنع إياهم وإياها مع كونه يؤدي إلى


(١) المعنى: سقطت من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>