للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون غير فصيح فيلجئ إليه أمر فيصير فصيحاً. مثال ذلك أن الله بدأ الخلق. الفصيح بل لا يكاد يسمع إلا "بدأ" قال تعالى: {كما بدأكم تعودون} (١)، وقال: {كيف بدأ الخلق} (٢)، ثم قال: {أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق} (٣). فجاء رباعياً فصيحاً لما حسنه من التناسب بغيره وهو قوله: يعيده. وكذلك ما نحن بصدده من قوله: "سلاسلا وأغلالا"، وبابه.

قال: وروي أن بعض الشعراء قال لكاتبه اكتب: يا حار إن الركب قد جازوا، فقال يا سيدي: يا حار، أفصح وأكثر، فقال: اكتب يا حار إن الركب قد جازوا (٤). فالكاتب نظر إلى اللغة الفصيحة الفاشية، وهذا نظر إلى تناسب اللفظ.

فقول الإمام في البرهان: إنما صرف ما كان جمعاً في القرآن لتناسب رؤوس الآي، ليس بمستقيم (٥)، إذ ليس قوله: سلاسلا، رأس آية، ولا "قوارير" (٦) الثاني، بل قد يكون لكونه رأس آية، وقد يكون لاجتماعه مع غيره من المنصرفات فيرد إلى الأصل ليتناسب معها، كما رد إلى الأصل عند وقوعه رأس آية ليتناسب مع غيرها من رؤوس الآي (٧).


(١) الأعراف: ٢٩.
(٢) العنكبوت: ٢٠.
(٣) العنكبوت: ١٩.
(٤) وأنشد ابن يعيش في شرح المفصل (٢/ ٢٢) لزهير:
يا حار لا أرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك
(٥) قال الإمام: "والصحيح أن الأصل صرف كل اسم متمكن، وليس في صرف ما لا ينصرف خروج عن وضع الكلام". البرهان ١/ ٥٥٠. فما نقله عنه ابن الحاجب ليس دقيقاً.
(٦) الإنسان: ١٦.
(٧) قال ابن الحاجب في شرح الكافية: "ويجوز صرفه للضرورة أو التناسب مثل: سلاسلاً =

<<  <  ج: ص:  >  >>