للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشبيها له بالمضاف لمشاركته له في أصل معنى الإضافة من حيث كونه منسوبا إلى الثاني على أصل معنى تلك النسبة لا على الاختصاص التعريفي الذي جعلها لواحد معين. ومن ثم، يعني: ومن أجل أن هذا الحكم كان من أجل تشبيهه بأصل معنى الإضافة أنهم لم يفعلوه في: لا أب فيها، ولا قيبى عليها، ولا مجيري منهما، لأن هذه النسبة ليست نسبة الإضافة، فلذلك لم يعط حكم الإضافة باعتباره، بخلاف النسبة التي هي بمعنى اللام. وقد زعم سيبويه وأكثر النحويين أنها إنما أعطيت هذا الحكم لأنهم قصدوا الإضافة فجاءوا باللام للتوكيد لها في المعنى (١). وقال الزمخشري (٢): "وقضاء من حق المنفي في التنكير بما يظهر بها من صورة الانفصال" (٣). وهو إيذان منهم بأن المعنى معنى الإضافة على التحقيق، وهو فاسد من وجوه: منها: القطع بأن معنى: لا أب لك، بمعنى: لا أبا لك.


(١) قال سيبويه: "اعلم أن التنوين يقع من المنفى في هذا الموضع إذا قلت: لا غلام لك، كما يقع من المضاف إلى اسم، وذلك إذا قلت: لا مثل زيد. والدليل على ذلك قول العرب: لا أبالك، ولا غلامي لك، ولا مسلمي لك. وزعم الخليل رحمه الله أن النون إنما ذهبت للإضافة، ولذلك ألحقت الألف التي لا تكون إلا في الإضافة. وإنما كان ذلك من قبل أن العرب قد تقول: لا أباك في معنى لا أبالك، فعلموا أنهم لو لم يجيئوا باللام لكان التنوين ساقطا كسقوطه في. لا مثل زيد. فلما جاءوا بلام الإضافة تركوا الاسم على حاله قبل أن تجيء اللام إذ كان المعنى واحدا، وصارت اللام بمنزلة الاسم الذي ثنى به في النداء" الكتاب ٢/ ٢٧٦.
(٢) المفصل ص ٧٨.
(٣) ومعنى كلام الزمخشري: أن زيادة اللام في: لا أبا لك، أفادت أمرين: أحدهما: تأكيد الإضافة، ولأخر: لفظ التنكير لفصلها بين المضاف والمضاف إليه. فاللام مقحمة غير معتد بها من جهة ثبات الألف في الأب، ومن جهة تهيئة الاسم لعمل "لا" فيه. انظر شرح المفصل لابن يعيش ٢/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>