للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبارا، فوجب ثبوت كون "أين" خبرا، وبطل أن يكون مبتدأ، ووجب تقديمه لما تقدم (١) قوله: "أو كان مصححا مثل قولهم: في الدار رجل"؛ لأن المصحح لكونه مبتدأ، وهو نكرة، تقديم هذا الخبر عليه، فإذا أخر زال المصحح، فوجب بطلانه لفقدان مصححه. أو كان لمتعلقه ضمير في المبتدأ مثل قولهم: على التمرة مثلها زبدا (٢). لأنه لو أخر فقيل: مثلها على التمرة، لأدى إلى عود الضمير على غير مذكور وهو فاسد فوجب تقديمه لذلك، كما امتنع: صاحبها في الدار، وضرب غلامه زيدا، على ما تقرر. قوله "أو كان خبرا عن "أن" مثل قولهم: عندي أنك قائم". وإنما وجب تقديم الخبر عن "أن" وما في حيزها إذا وقعت مبتدأة لأنها لو وقعت صدر الكلام لكانت مهيأة لدخول عوامل الجمل الابتدائية عليها، ومن جملتها "إن" المكسورة، فيؤدي إلى اجتماع: إن وأن (٣)، وهم يكرهون اجتماع حرفين بمعنى واحد، فكرهوا ما يؤدي اليه كما كرهوا ما يؤدي إلى الابتداء بالساكن لأنهم كرهوا الابتداء بالساكن. هذا هو تعليل النحويين، وهو مدخول من


(١) قال ابن الحاجب: "هذا مما التزم فيه تقديم الخبر على المبتدأ، ولا يكون إلا مقدما ولا يكون إلا خبرا. وإنما كانت مقدمة لأنه قسم من أقسام الكلام، وكل باب من أبواب الكلام فالقياس أن يتقدم أوله ما يدل عليه كحرف الشرط والاستفهام والنفي والتمني والترجي والعرض والتنبيه والدعاء والنداء. وإنما كان كذلك لأنهم قصدوا تبيين القسم المقصود بالتعبير عنه ليعلمه السامع من أول الأمر ليتفرغ فهمه لما عداه". الإيضاح ١/ ١٩٢.
(٢) معنى كلامه: أنه إذا اتصل بالمبتدأ ضمير يرجع إلى جزء الخبر وجب تقديم الخبر حتى لا يلزم ضمير قبل الذكر. الرضي على الكافية ١/ ٩٩.
(٣) قال سيبويه: "واعلم أنه ليس يحسن أن تلي إن أن ولا أن إن. ألا ترى أنك لا تقول: إن أنك ذاهب في الكتاب". الكتاب٣/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>