للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"غير" له، و " غير" ههنا ليست له وإنما هي " لزمن"، ألا ترى أنك لو قلت: رجل عيرك مربي، لكان في " غيرك" ضمير عائد على رجل. ولو قلت: رجل غير متأسف على امرأة مربي، لم يستقم، لأن " غير" ههنا لما جعلته في المعنى للمرأة خرج عن أن يكون صفة لما قبله. ولو قلت: رجل غير متأسف عليه مربي، جاز لأنها في المعنى للضمير، والضمير عائد على المبتدأ، فاستقام، فتبين أنه لايكون مبتدأ لذلك. وإن جعل الخبر محذوفا لم يستقم لأمرين: أحدهما: أنا قاطعون بنفي الاحتياج إليه. والآخر أنه لا قرينة تشعر به. ومن شرط صحة حذف الخبر وجود القرينة. وإن جعل خبر مبتدأ لم يستقم لأمور: أحدها: أنا قاطعون بنفي الاحتياج إليه. الثاني: أن حذف المبتدأ مشروط بالقرينة، ولا قرينة. الثالث: أنك إذا جعلته خبر مبتدأ لم يكن بد من ضمير يعود منه إلى المبتدأ لأنه في معنى مغاير، ولا ضمير يعود على ما تقدره مبتدأ، فلا يصح أن يكون خبرا، فتبين إشكال إعرابه. وأولى مـ يقال: إنه أوقع المظهر موقع المضمر لما حذف المبتدأ من أول الكلام. فكأن التقدير: زمن ينقضي بالهم والحزن غير متأسف عليه. فلما حذف المبتدأ من غير قرينة تشعر به أتى به ظاهرا مكان المضمر فصارت العبارة فيه كذلك، وهو وجه حسن لا بعد في مثل ذلك (١)، فإن العرب تجيز: إن يكرمني زيد إني أكرمه، وتقديره: إني أكرم زيدا إن يكرمني، فقد أوقعت زيدا موقع المضمر لما اضطرت إلى إعادة الضمير إليه، وأوقعت المصمر موقع المظهر لما أخرته عن الظاهر. فقد تبين لك اتساعهم في مثل ذلك وعكسه.


(١) ونقل ابن هشام عن ابن جني أنه أجازه. المغني ١/ ١٧٢ (دمشق).

<<  <  ج: ص:  >  >>