للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن يقال: إنهم استعملوا " غير" بمعنى " لا" كما استعملوا " لا" بمعنى " غير" وذلك واسع في كلامهم. فكأنه قال: لا تأسف على زمن هذه صفته. ويدلك على استعمالهم " غير" بمعنى "لا": زيد عمرا غير ضارب، ولا يقولون: زيد عمرا مثل ضارب، لأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، ولكنه لما كانت " غير" تحمل على "لا" جاز فيها ما لا يجوز في "مثل" وإن كان بابهما واحدا. وإذا كانوا قد استعملوا: أقل رجل يقول ذاك، بمعنى النفي مع بعده عنه بعض البعد، فلأن يستعملوا " غير" بمعنى "لا" مع موافقتها لها في المعنى أجدر. فإن قيل: فإذا قدرتموها بمعنى "لا" فلا بد له من إعراب من حيث كونه اسما، فما إعرابه؟ قلنا: إعرابه كإعراب قولك: أقل رجل يقول ذاك، وهو مبتدأ لا خبر له استغناء عنه (١)، لأن المعنى: ما رجل يقول ذاك (٢). وإذا كان كذلك صح المعنى من غير احتياج إلى خبر، ولا استنكار بمبتدأ لا خبر له إذا كان كذلك صح المعنى من غير احتياج إلى خبر، له إذا كان في المعنى بمعنى جملة مستقلة كقولهم: أقائم الزيدان؟ فإنه بالإجماع مبتدأ، ولا مقدر محذوف، والزيدان فاعل به ليس بخبر. فهذا مبتدأ لا خبر له في اللفظ ولا في التقدير. وإنما استقام لأنه في المعنى: يقوم الزيدان. وكذلك قول بعض المحققين في مثل: نزال وتراك، إنه مبتدأ وفاعله مضمر ولا خبر له لاستقامة المعنى من حيث كان معناه: انزا واترك (٣).


(١) أجازه ابن الشجري وابن مالك. المغني ١/ ١٧٢ (دمشق).
(٢) قال الرضي: " فهذه كلها مبتدءات لا أخبار لها فيها من معنى الفعل". شرح الكافية ١/ ٨٧.
(٣) قال الرضي: " ثم اعلم أن بعضهم يدعي أن أسماء الأفعال مرفوعة المحل على أنها مبتدءات لا خبر لها كما في: أقائم الزيدان؟ وليس بشيء، لأن معنى قائم معنى الاسم وإن شابه الفعل، أي: ذو قيام، فصح أن يكون مبتدأ، بخلاف اسم الفعل، فإنه لا معنى للاسمية فيه". شرح الكافية ٢/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>