للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستقيم ذلك على معنيين: أحدهما: أن يكون معنى: لتعروني، لترعدني، أي: تجعل عندي العرواء وهي الرعدة كقولهم: عري فلان، إذا أصابه ذلك، لأن الفتور الذي هو السكون عن الإجلال والهيبة تحصل عنه الرعدة غالبا عادة فيصح نسبة الإرعاد إليه فيكون "كما انتفض" منصوبا انتصاب قولك: أخرجته كخروج زيد، إما على معنى كإخراج خروج زيد، وإما لتضمنه معنى خرج غالبا، فكأنه قيل: خرج، فصح لذلك مثل خروج زيد، وحسن دلك تنبيها على حصول المطاوع الذي هو المقصود في مثل ذلك، فيكون أبلغ من الاقتصار على المطاوع، إذ قد يحصل المطاوع دونه، مثل: أخرجته فلم يخرج. والثاني: أن يكون معنى: لتعروني، لتأتيني وتأخذني فترة، أي: سكون للسرور الحاصل من الذكرى، وعبر بها عن النشاط لأنها تستلزمه غالبا، تسمية للمسبب باسم السبب، كأنه قال: ليأخذني نشاط كنشاط العصفور. فيكون "كما انتفض" إما منصوبا نصب: له صوت صوت حمار، وله وجهان: أحدهما: أن يكون التقدير: يصوت صوت حمار، وإن لم يجز إظهاره استعناء عنه بما تقدم، والثاني: أن يكون منصوبا بما تضمنته الجملة من معنى: يصوت (١). وإما مرفوعا صفة لـ " فترة"، أي: نشاط مثل نشاط العصفور. وهذه الأوجه الثلاثة المذكورة في الوجه الثاني في إعراب "كما انتفض" تجري على تقدير رواية: رعدة، وهزة. هذا ما كتبه مجيبا به.


(١) قال سيبويه: "فإنما انتصب هذا لأنك مررت به في حال تصويت، ولم ترد أن تجعل الآخر صفة للأول ولا بدلا منه. ولكنك لما قلت: له صوت، علم أنه قد كان ثم عمل، فصار قولك: له صوت، بمنزلة قولك: فإذا هو يصوت، فحملت الثاني على المعنى" الكتاب ١/ ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>