للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك. وإذا (١) ثبت أن مجيء اللام وحذفها على حد سواء في المعنى، فقولك: جئتك لإكرامك، هي لام الجر، دخلت على الفعل بتأويل "أن"، و"أن" مع الفعل بتأويل المصدر، فصار المعنى: جئتك لإكرامي لك، وقد ثبت أن الثاني فيه سبب للأول، فليكن كذلك، لأنه فرعه، فالجواب: أنه لا يستقيم ذلك في قولك: جئتك لتكرمني، لأنه واجب أن يكون المعنى على الاستقبال، ألا ترى أن لام "كي" و"أن" المقدرة مخلصة الفعل للاستقبال. وإذا وجب أن يكون مستقبلا استحال أن يكون سببا لماض. إذ لا سيتقيم أن يكون الإكرام الواقع في المستقبل سببا للمجيء الواقع في الماضي. وهذا أيضا دليا على وجوب أن ما قبل "كي" سبب لما بعدها، لا بالعكس. فإن قيل: فقد اتفق الفقهاء على مثل قوله: {كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم} (٢) في أنه علة للمحكم المذكور قبله في قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل} (٣). واتفاقهم على ذلك دليل على أن ما بعد "كي" سبب لما قبلها، إذ لا فرق بين قولك: جئتك لتكرمني، وكي تكرمني، باتفاق. فالجواب: أن ذلك مأخوذ بطريق آخر غير طريق دلالة اللفظ، وهو أن كل ما كان بعد لام "كي" مسببا لما قبلها، فوجب أن يكون ذلك المنعى هو الحامل لما قبلها. ومعنى الأسباب الشرعية المعاني التي تثبت بالحكم. فإذل ذكر حكم وجعل سببا لحصول أمر متضمن معنى مناسب علم أن ذلكم المعنى هو سبب الحكم، إذ لا معنى للسبب والعلة في اصطلاحهم إلا ذلك، فكان تسميتهم


(١) في م: فإذا.
(٢) الحشر: ٧.
(٣) الحشر:٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>