للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه يلزم على هذا القول أن تكون وامل النصب كلها راجعة إلى "أن". فإن التزم حصل الجواب، وإن لم يلتزم وجب الاعتذار عنها، أو الا قتصار على الوجه الأول. والعذر أن يقال: إن النصب بـ "أن" أو ما أشبهها، ووجه شبهه أنه حرف مستقل في معنى لا يختص بالفعل مفيد للاستقبال كـ "أن". والمعنى الذي يختص بالفعل هو النفي في "لن" والإثبات في "إذن". و"كي" للتعليل وهو لا يختص بالفعل، ولا يلزم على هذا السين وسوف، وإن كانت مفيدة للاستقبال من حيث كانت لا استقلال لها. وإنما جيء بها مع الفعل لتفيد تعيين أحد مدلوليه الموضوع هو لكل واحد منهما، بخلاف "لن" فإنها موضوعة لمعنى مستقل وهو النفي، وضمنت معنى الاستقبال، فلا يلزم من عملها عمل السين وسوف. فإن قيل: فما ذكرتموه في "لن" موجود في "لا" فإنها للنفي متضمنة معنى الاستقبال. فالجواب من وجهين: أحدهما: أنهما غير لا زمة لذلك، بدليل أنك تقول: أريد أن لا تقوم، تجمع بينها وبين "أن". ولو كانت مثل "لن" لكنت جامعا بين حرفي استقبال، ولذلك لم يجز: أريد أن لن تقوم. الثاني: هو أنه لما كان الوضع محتاجا إلى حرف نفي يجامع حرف الاستقبال مما لا نفي فيه جردوا له حرفا يستعملونه استعمال ما لا استقبال فيه. فلما كان كذلك قطعوه عن العمل لكون (١) قدروا ما كان لأجله العمل كالعدم. فإن قيل: فـ "إن" وأخواتها من كلمات الشرط يلزم أن يقع النصب بها لكونها على ما ذكرتموه. فالجواب: أنها لما كانت لمعنى لا يقبله إلا الفعل جعلت عاملة لإعراب لا يقبله إلا الفعل، بخلاف "لن" فإن معناها النفي، والنفي يقبله الأسماء والأفعال.


(١) هكذا وردت هذه الكلمة في جميع النسخ. والأنسب أن تكون: لكونهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>