للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل، على أنه معدول عن الآخر (١)، إذ استعماله إنما يكون بالألف واللام أو الإضافة أو "من". ولا جائز أن يكون معدولا عن المضاف، لأن المعنى واللفظ يأباه. أما المعنى فلأن المقصود بأخر الغيرية لمن تقدمه، فلو أضيف لتغير ذلك المعنى. بخلاف أفعل التفضيل فإنه لا يتغير معناه بإضافة باعتبار التفضيل. وأما. اللفظ فلآنه لو كان كذلك لوجب بناؤه كما بني قبل وبعد. ولا يجوز أن يكون معدولا عما فيه (من) لأنه جمع، والجمع لا يكون معه (من). واعترض على ذلك أبو على، فقال ما معناه: لو كان معدولا عما فيه الألف واللام لوجب أن يكون معرفة، ولو كان معرفة لم يجز جريه على النكرة ولجاز جريه على المعرفة، والأمران ممتنعان، فتعذر أن يكون معدولا عما فيه الألف واللام. ألا ترى أن "سحر" لما كان معدولا عما فيه الألف واللام وجب أن يكون معرفة، وهو اعتراض مشكل (٢). وغاية ما يقال: إنه لا يلزم من المعدول عن الشيء أن يكون بمعناه من كل وجه، وإنما يلزم أن يكون قد أخرج عن


(١) قال سيبويه: "قلت: فما بال أخر لا ينصرف في معرفة ولا نكرة؟ فقال: لأن أخر خالفت أخواتها وأصلها، وإنما هي بمنزلة: الطول والوسط والكبر، لا يكن صفة إلا وفيهن ألف ولام، فتوصف بهن المعرفة". ثم قال: "فلما خالفت الأصل وجاءت صفة بغير الألف واللام تركوا صرفها". الكتاب ٣/ ٢٢٤. وقال ابن الحاجب: "ومنها أخر، وهو جمع الأخرى، وأخرى تأنيث آخر. وآخر من باب أفعل التفضيل، وقياس جميع بابه إذا قطع عن الإضافة أن لا يستعمل إلا باللام، فاستعماله بغير لام عدول عما فيه اللام". الإيضاح ١/ ١٣٤.
(٢) قال الرضي: "وأجيب بأنه معدول عن ذي اللام لفظا ومعنى، أي: عدل عن التعريف إلى التنكير، ومن أين له أنه لا يجوز تخالف المعدول والمعدول عنه تعريفا وتنكيرا. ولو كان معنى اللام في المعدول عن ذي اللام واجبا لوجب بناء سحر كما ذهب إليه بعضهم لتضمنه معنى الحرف. فتعريف سحر ليس لكونه معدولا عن ذي اللام بل لكونه علما". شرح الكافية ١/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>