للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صيغة كان يستحقها في قياس كلامهم إلى صيغة أخرى، وقياس هذه أن تستعمل عند عدم (من) والإضافة بالألف واللام. فلما استعملت بغيره دل على أنهم أخرجوها عن الصيغة المستحقة هي لها إلى صيغة أخرى. وإذا اعترض أن العدل بهذه المثابة لم يثبت في لغتهم فكان إثباتا لما لم يثبت مثله في لغتهم بغير دليل. فالجواب: أنه وإن لم يثبت أثبت ههنا بدليل، وهو أنه إذا لم يتقرر فيه العدل وجب أن يكون غير منصرف بعلة (١) واحدة، وذلك معلوم البطلان من لغتهم، فكان إثبات ذلك واجبا بدليل دل عليه. وقد يقال: إنه معدول عن آخر من كذا (٢)، لأن (من) إذا استعملت وجب إفراد (أفعل)، وإنما يثنى ويجمع عند عدمها، فعدل عن: أفعل من كذا، إلى صيغة الجمع الدال على مثل ما دل عليه ذلك، إذ لا فرق في المعنى بين قولك: مررت بنسوة أفضل منك، ومررت بنسوة فضل، لو قيل ذلك، إلا أنهم لا يقولونه، وإن كان هو قياس غير هذا الباب لمعنى قد ذكر في موضعه (٣). وإذا قيل ذلك اندفع الاعتراض عنه وزال القادح. وما ذكر فيما سبق من أنه لا جائز أن يكون معدولا عما فيه (من) مبني على تقدير كونه باقيا على جمعيته. ونحن لا نقدره معدولا عن ذلك، وإنما نقدره معدولا عما فيه "من" مفردا إلى لفظ الجمع بغيرها، فيندفع ذلك الإبطال على تقدير كونه معدولا عما فيه "من".


(١) في س: لعلة.
(٢) قال ابن الحاجب: "والأولى أن يكون معدولا عن آخر من كذا، لأنه قياس ما قطع عن اللام والإضافة". الإيضاح ١/ ١٣٤.
(٣) انظر: الإملاء (٥) من الأمالي القرآنية. ص: ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>