للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب غيره أن الكلام فيه تقديم وتأخيره، تقديره: الله يشكرها من يفعل الحسنات. وقال سيبويه في قولهم:

إنك إن يصرع أخوك تصرع (١)

إن الكلام فيه وتأخير، تقديره: تصرع إن يصرع أخوك (٢). والفرق بينهما استقامة التقديم والتأخير ثم وامتناعه ههنا. ألا ترى أنك لو قدرت التقديم لم يخل أما أن تقدره مع الضمير اللازم تقديره في قولك: الله يشكرها، أي: منه. أو تقدر تقديمه مجردا عن ذلك، وكلا الأمرين فاسد، فكان فاسدا. بيان الأول: أنه لو كان التقدير: الله يشكر الحسنات من فاعل الحسنات (٣)، لكان ذكر "من" لا معنى له، إذ قد تقدم ذكر الفاعل. ولذلك لو قلت: أنا أكرم المكرم لي من يكرمي، لم يجر. وإن قدرته مجردا عنه كان أبعد لأنك ذكرت ما لايدل على الجواب في المعنى لتجردها عن الضمير المصحح، بخلاف مجرد الشرط فإنه لا يحتاج إلى ذلك، ولا يمنع من ذكره


(١) هذا عجز بيت من الرجز وصدره: ياأقزع بن حابس يا أقرع. وهو من شواهد سيبويه ٣/ ٦٧، ونسبه لجرير بن عبد الله البجلي. والمقتضب ٢/ ٧٢، والإنصاف ٢/ ٦٢٣، والمقرب ١/ ٢٥٦، والخزانة ٣/ ٣٩٦، ونسبه لعمرو بن خثارم البجلي. وأقرع بن حابس هو من الصحابة. والأجوزة التي منها البيت المذكور قيلت في الجاهلية قبل إسلامه. وذكر البغدادي المناسبة التي قيلت فيها. والشاهد فيه تقديم (تصرع) في النية مع تضمنها للجواب. وهذا من الضرورة لأن من حق حرف الشرط أن يجزم الآخر لأنه جزم الأول.
(٢) انظر: الكتاب ٣/ ٦٧.
(٣) فاعل الحسنات: سقطت من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>