للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكرمتني فإني أكرمك، أو إذا أكرمتني اليوم أكرمتك غدا. ألا ترى أن قولك: فإني أكرمك، لا يستقيم عمله فيما قبله، لأن ما في حيز الفاء لا يعمل فيما قبلها. وفي المسألة الثانية لو كان العامل الجزاء لأدى إلى خلاف المعقول، لأن اليوم مبين لـ "إذا" وغدا ظرف للجزاء، فلو جعل عاملا في "إذا" وقد تعين أن يكون اليوم وجب أن يكون الغذ هو اليوم، وذلك باطل. وإذا تقرر ذلك ثبت أن العمل في أسماء الشروط كلها لفعل الشرط لا الجزاء. فأما في "إذا" فلا إشكال، لأنها لا عمل لها في الشرط لا باعتبار خفض الموضع ولا باعتبار جزم اللفظ، لأنا قد بينا أنها غير مضافة، وقد ثبت أنها في اللغة الفصيحة لا عمل لها في الفعل. تقول: إذا تكرمني أكرمك، والجزم ضعيف (١)، وهو على ضعفه الكلام فيه كالكلام في "متى" في كونها عاملة في الفعل، والفعل عامل فيها. وأما في الأسماء الجازمة فهي وإن كانت جازمه للشروط فلا يمنع عمل الشروط فيها، بخلاف تقدير كونها مضافة، لأنها إذا كانت مضافة كانت معمولة عاملة من وجهين. ألا ترى أن عملها الجزم ليس من جهة اسميتها وظرفيتها ولكن من جهة تضمنها حرف الشرط، وكونها معمولة للفعل ليس من جهة تضمنها معنى الشرط، ولكن من جهة اسميتها وظرفيتها. فالوجه الذي عملت به في الفعل غير الوجه الذي كانت معمولة به له.


(١) مثل ذلك ما ذكره ابن هشام في الغني ١/ ٩٣ (محيي الدين) وهو قول الشاعر:
استغن ما أغناك ربك بالغنى ... وإذا تصبك خصاصة فتجمل

<<  <  ج: ص:  >  >>