للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفاء والراء والسين على ما كانت عليه في المفرد باعتبار الترتيب، فدل على أن هذا المعنى لا يستقيم إرادته. فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المراد بتغير نظم الواحد أن تأتي حروف في الجمع بين حروف المفرد فيتغير النظم عما كان عليه أو ينقص، فمثال الزيادة قولك: قدح وأقدح، ومثال النقصان: كتاب وكتب، ويكون تغيير بنائه لتغير الصيغة بالحركة والإسكان خاصة؟ فالجواب: أن تغير البنية يغني عنه. ألا ترى أن كل ما تغير نظمه بالتفسير المذكور فقد تغير بناؤه. فإن قدحا إذا نقل إلى قداح (١) لا يمكن أن يقال تغير نظمه ولم يتغير بناؤه، وإذا كان كذلك فذكر البناء وحده كاف.

[إملاء ١٩٩]

[الكلام في اسم مصغر]

وقال: قوله - صلى الله عليه وسلم - (٢): " أبيني لا ترموا جمرة العقبة". الأولى أن يقال: إنه تصغير بني مجموعا، وكان أصله بنيي، لأنه بنيون أضفته إلى ياء المتكلم فصار بنيوي في الرفع وبنيي في النصب والجر فوجب أن تقلب الواو ياء وتدغم على ما هو قياسها في مثل قولك: ضاربي، وكذلك النصب والجر، ولذلك كان لفظ "ضاربي" في الأحوال الثلاث سواء. كرهوا اجتماع الياءات والكسرة فقلبوا اللام إلى موضع الفاء فصار: وبيني، قلبوا الواو همزة فصار: أبيني. وليس في هذا الوجه إلا قلب اللام إلى موضع الفاء, وهو قريب لما ذكرناه من الاستثقال، وقلب الواو المضمومة همزة وهو جائز قياسا (٣). وهذا أولى من قول من يقول:


(١) في س: أقداح.
(٢) رواه النسائي (حج: ٢٢٢)، وأبو داود (مناسك:٦٦).
(٣) انظر المفصل ص ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>