للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الأصمعيُّ: "رئمانُ أنف". فقال الكسائيُّ: "رئمانَ أنف"، و"رئمانَ أنف"، اسكتْ، ليس هذا من صنعتك.

قوله: "رئمان أنف" يريد أنها ترأم البوَّ، وهي مع ذلك لا تَدُرُّ اللبن، والعَلُوق التي ترأمُ بأنفها وتمنعُ ضَرْعها. ويقال: العلوق من النُّوق التي تريد الفحل ولا ترأم الولد، ومن النِّساء التي لا تحبُّ غير زوجها. وقال:

وبُدِّلتُ من أُمٍّ عليَّ شفيقةٍ ... عَلوقًا، وشرُّ الوالدات عَلوقُها

ابن أبي سعد قال: حدثني ابن طهمان قال: سمعت والله الفراء يحيى يقول: مدحني رجل من النحويين فقال: ما اختلافك إلى الكسائيِّ وأنت مثله في العلم؟ قال: وأعجَبَتْنِي نفسي فناظرته وسألته؛ فكأنِّي كنتُ طائرًا يغْرِف من بَحْرٍ.

قال الهَرَوي: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال: كان الكِسائيُّ فصيح اللسان، لا يُفْطَن لكماله، ولا يُخيَّل إليك أنه يُعرِب، وهو يُعرِب.

وقال أحمد بن أبي الطاهر: حدثني محمد بن عبد الله بن آدم بن جُشَم العَبْدي، حدثني ثابت الغنمي، أخبرني رجل في حلقة الأحمر النَّحويِّ، عن تميم الداري -رجل كان بالرَّي- قال: لما خرج الرشيد إلى طُوس، خرج الكسائيُّ معه، فلمَّا صار إلى الرَّيّ اعتلّ علَّة منكرة، فأتى إليه هارون الرشيد ماشيًا متفزِّعًا، وخرج مِن عِنْده وهو مُغْتَمّ، فقال لأصحابه: ما أظنُّ الكسائيَّ إلَّا ميتًا. وجعل يَسْتَرْجِع. فجعل القوم يعزُّونه ويطيِّبون نفسَه، وجعل يظهر حزنًا. فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما الذي قضيت عليه بهذا له! فقال: لأنَّه حدثني أنه لقي أعرابيًّا عالمًا غزيرًا بموضع يقال له: "ذو النَّخْلَتين". فقال الكسائي: فكنت أغدُو عليه وأرُوح، أمْتاح ما عنده، فغدوتُ عليه غُدوةً من الغدوات، وهو ثقيل، فرأيت به علَّة منكرة، فألقى نفسه، وجعل يَنْتَفِضُ ويقول:

<<  <   >  >>