للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن كانتِ النَّعماء فيهمْ جزَوْا بها ... وإن أَنْعَموا لا كَدَّرُوها ولا كَدُّوا

قال: وقال أبو العباس: رأيتُ المأمون لما قَدِم من خُراسان، وذلك سنة أربع ومئتين، وقد خرج من باب الحديد، وهو يُريد قصر الرُّصافة، والناس صفَّان إلى المُصلَّى، وكان أبي قد حَمَلَني على يده، فلمَّا مرَّ المأمون رفعني وقال: هذا المأمون، وهذه سنة أربع. فحفظت ذلك إلى هذه الغاية، وكانت سنُّه يومئذ أربع سنين.

وقال أبو عمر: قال لي أبو العباس: إنه ما قال شعرًا قطُّ إلَّا شيئًا لم يَظْهر، البيت والبيتين، وما كان يَرْضى ما يأتيه من ذلك.

قال أحمد بن يحيى: دخلتُ يومًا إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، وعنده أبو العباس محمد بن يزيد وجماعة من أشباهه وكتابه، وكان محمد بن عيسى وصفَه له، فلما قعدتُ قال لي محمد بن عبد الله: ما تقول في بيت امرئ القيس:

لها مَتْنَتَان خَظَاتَا كما ... أَكَبَّ على ساعديْه النَّمِرْ

قال: فقلتُ: الغريب أنه يقال: خَظَا بظا؛ إذا كان صُلْبًا مكتنزًا، ووصف فرسًا. وقوله: "كما أكبَّ على ساعديه النَّمِر" أي في صلابةِ ساعِدَيِ النَّمِر إذا اعتمد على يده. والمتْن الطريقة الممتدَّة عن يمين الصُّلْب وشِماله. وما فيه من العربية أنَّه "خظتا"، فلما تحركت التاء أعاد الألف من أجل الحركة والفتحة.

قال: فأقبل بوجْهه على محمد بن يزيد، فقال له: أعز الله الأمير، أراد في "خظاتا" الإضافة، أضاف "خظاتا" إلى "كما". فقلتُ له: ما قال هذا أحد. فقال محمد بن يزيد: بل سيبويه يقوله. فقلتُ لمحمد بن عبد الله: لا والله، ما قال هذا سيبويه قط، وهذا كتابه فيحضَر. ثم أقبلتُ على محمد بن

<<  <   >  >>