للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وسمعتُ أحمد بن يحيى ثعلبًا يحدِّث أبا عمر بن سعد القُطْربلي -وكان يغشاهم كثيرًا- قال: أقعدني محمد بن عبد الله بن طاهر مع ابنه طاهر، وأفرد لي دارًا في داره، وأقام لنا وَظيفة، وكنتُ أقعد معه إلى أربع ساعات من النهار، ثم أنصرفُ إذا أراد الغَدَاء، فنُمِي ذلك إليه، فوجَّه فكسا البَهْو والأَرْوِقَة والمجالس الخيْشَ، وأضعف ما كان يُعِدُّ من الألوان والثَّلْج والفاكهة والخِوان، فلمَّا حضر وقت الانصراف انصرفتُ، فنُمِي ذلك إليه، فقال للخادم المُوكَّل بطاهر: نُمِيَ إليَّ انصرافُ أحمد بن يحيى في وقت الطعام والقائلة، فظننت أنه استقلَّ ما كان يحضُرُ، وأنه لم يَسْتَطِبِ الموضع، فأضْعَفْنا ما يُقام، وزِدْنا في الخيشِ، ثم نُمِي إليَّ أنه قد انصرف بعد ذلك! فتقول له عن نفسك: بيتُك أبْرَد من بيتنا! أو طعامك أنظف من طعامنا! وتقول له عني: انصرافُك إلى منزلك في وقت الغَدَاء هُجْنَة علينا. فلمَّا عرَّفني الخادم بذلك أقمتُ، فكنتُ على هذا الحال ثلاثَ عشرة سنة، وكان يتغدَّى معنا مَن يحضر من خاصَّته مثل ابن عَوْن وغيره؛ وكان يُقيم لي مع ذلك سبع وظائف من الخبز الخُشْكار، ووظيفة من الخبز السَّميذ، وسبعة أرطال من اللحم؛ وعَلوفة رَأس، وأجْرَى لي في الشهر ألفَ درهم، فكان يتفقد مَن يُجْرَى عليه القوتُ من الخبز واللحم، حتى يصلَ ذلك إليه في وقته ولا يتأخَّر عنه. ولقد جاءت سنة الفتنة، وغلُظ الأمر في الدَّقيق واللَّحم، فكتب إليه كاتبُه على المطبخ يعرِّفه غليظَ ما هو فيه، وعظم ما يُعانيه من المؤونة، ويسأل أن يأمر بإحضار الجريدة التي فيها ثَبَت مَن يُجْرَى عليه الدقيق واللحم، ليقتصر على مَن لا بدَّ منه؛ إذ كانت الجريدة

<<  <   >  >>