للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال عبد الله بن طاهر: علماء الإسلام أربعةٌ: عبد الله بن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زمانه، والقاسم بن سلام في زمانه.

ولما أتاه نعيُ أبي عبيدٍ، قال:

يا طالبَ العلمِ قد ماتَ ابنُ سلَّامِ ... وكانَ فارسَ علمٍ غيرَ مِحْجَامِ

مات الذي كان فيكم ربعَ أربعةٍ ... لم تلقَ مثلَهُمُ إِسْتَارَ أحكامِ

خير البرية عبدُ اللهِ أوَّلُهم ... وعامرٌ، ولنعم الثِّنْيُ يا عامِ

هما اللَّذان أنافا فوق غيرهما ... والقاسمانِ: ابنُ معنٍ، وابنُ سلَّامِ

فازا بقدحٍ متينٍ لا كفاءَ له ... وخلَّفاكم صفوفًا فوق أقدامِ

قال عليُّ بنُ عبدِ العزيز: حضرتُ أبا عبيدٍ ببغدادَ، حتى جاءه رجل يخدُم السلطان، فجثا بين يديه وقال: بعثني الأمير طاهر بن عبد الله بن طاهر وبَلَغَه عنكَ عِلَّةٌ، وقد أتيتُكَ بمتطببٍ. فكشف أبو عبيدٍ سراويلَه عن ساقيه وبه قرحٌ، فقال له المتطبب: هذه مِرَّةٌ بين الجلدين، كم أتى عليكَ؟ فقال أبو عبيد: وما في هذا ممَّا يُستفادُ؟ قال: لأحمل الدَّواء على قدر القُوَى. فقال -وعقد بيده-: ثمانيًا وستين.

قال لنا عليٌّ: قال أبو عبد الرحمن اللحية -صاحبُ أبي عبيدٍ-، وقد جاوزَ دارَ رجلٍ من أهل الحديث كان يكتبُ عنه الناسُ، وكان يُزَنُّ بشَرٍّ: إنَّ صاحبَ هذه الدارِ يقولُ: أخطأ أبو عبيدٍ في مئتي حرفٍ من المُصنَّفِ. فقال عليٌّ: فحَلُم أبو عبيدٍ ولم يقع في الرجلِ بشيءٍ ممَّا كان يَعرِف مِن عيوبه، وقال: في "المُصنَّفِ" مئة ألف حرف؛ فإن أخطئْ في كلِّ ألفٍ حرفين، فما هذا بكثيرٍ مما أُدرِكَ علينا، ولعلَّ صاحبَنا هذا لو بدا لنا فناظرناه في هذه المئتين بزعمه، لوجدنا لها مخرجًا.

وروى ابن النحاس، عن ابن سليمان الأخفش، عن عباسٍ الخياط قال: كنتُ

<<  <   >  >>