للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال المهري:

كريمُ النِّجار إذا جئتَه ... تلقَّاك بالبِشْر لا بالزَّلَلْ

فإنْ يكُ حَمْدونُ ذا فطنةٍ ... فقد كان فيما مضى قد غَفَلْ

فقلت أنا:

فأنت بفضلِك أحييتَه ... وكان قديمًا به قد جَهِلْ

وتوفي النَّعجةُ بعد المئتين.

[١٧٣ - أبو محمد المكفوف]

هو عبد الله بن محمود المكفوف النحوي. كان من أعلم خَلْق الله بالعربية والغريب والشعر وتفسير المشروحات وأيام العرب وأخبارها ووقائعها، وأدرك المهريَّ وأخذ عنه، ثم صحب من بعده حمدونًا المعروف بالنَّعجةِ، فكان لا يُبارحه، ولم يمتْ حمدون حتى علا المكفوف عليه، وفَضَل في أشياء.

وله كتب كثيرة أملاها في اللغة والعربية والغريب، وله كتاب في العروض يفضله أهل العلم على سائر الكتب المؤلفة فيها؛ لما بين فيه وقرب، وعليه قرأ الناس المشروحات، وإليه كانت الرحلة من جميع إفريقيَّةَ والمغرب، وكان يجلس مع حمدون في مكتبه، فربما استعار بعضُ الصبيان كتابًا فيه شعر أو غريب أو شيء من أخبار العرب، فيقتضيه صاحبُه فيه، فإذا ألحَّ عليه أعلم بذلك أبا محمد المكفوف، فيقول له: اقرأه عليَّ. فإذا فعل قال: أَعِدْهُ ثانيةً. ثم يقول: ردَّه على صاحبه، ومتى شئتَ فتعال حتى أمليَه عليك.

وأبطأ عنه أبو القاسم بن عثمان الوزَّان النحوي أيامًا كثيرةً، ثم أتاه فلامه على تخلُّفه عنه، وقال له: يا أبا القاسم، نحن كنا سبب ما أنت فيه من العلم، علمتَ كيف كنت أخصك وأوثرك على غيرك؛ فلما صرتَ إلى هذه الحال قطعتنا! فقال له: أصلحك الله! اعذر فقد كان لي شغل. قال: وما هو؟

<<  <   >  >>