للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلامةُ الشَّيخُ عبد الرَّحمن بنُ يحيَى اليَمانيُّ ما نَصُّهُ: "كذا، ويُمكن أن يكون الصَّواب. . . حدَّثنا شُميطُ بن عَجلانَ، عن عطاءٍ، عن أبيه، سَمِعَ ابن عَمْرٍو"، وهذا التَّصويبُ مُتعيِّنٌ، كما هو ظاهرٌ من سياق التَّرجَمة.

* فهذا السِّياقُ الذي ساقه البخاريُّ ورواه بإسنادِهِ، يدُلُّ على الخطإِ الذي وَقَعَ في روايةِ أبي داوُد المُعلَّقةِ، الخطإِ في الإسناد المُنقَطِع، ثُمَّ الخطإِ في المَتن، فهو يدُلُّ على أنَّ عطاءَ بن زُهيرٍ لم يلق عبد الله بنَ عمرٍو، بل الذي لقيه هو أبوه زُهيرُ بنُ الأصبغ، وإنَّما روى عطاءُ بنُ زُهيرٍ ذلك عن أبيه، ورواه شُميطُ ابن عَجلانَ عن عطاءٍ هذا عن أييه، وأنَّ زهَيرًا أبا عطاءٍ سأل عبد الله بنَ عمرو عن الصَّدقة، فحطَّ مِن شأنِها؛ تنفيرًا مِن قَبُولها وتنزيهًا، حتَّى جادَلَه في استِحقاق العامِلين عليها والمُجاهِدين، فأبان له أنَّ ذلك بقدر ما أَذِن الله به؛ تحذيرًا مِن تجاوُزِ ما أحلَّ الله فيها، ثُمَّ وكَّد ذلك بأنْ ذَكَر له أنَّها "لا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ، ولا لِذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ".

* فلا يدُلُّ هذا على أنَّ روايَتَهُ موقُوفةٌ غيرُ مرفُوعَةٍ, كما يُوهِمُ كلامُ أبي داوُد، إذ كأنَّهُ يُشيرُ إلى تعليل الرِّوايَة المَرفُوعة بهذه الرِّوايَة المَوقُوفَة التي رَوَاهَا مُعلَّقَةً، ورواها على وجهٍ كلُّهُ خطأٌ. ولعلَّ أبا داوُد ذَكَرَها مُعلَّقةً لهذا السَّبب، لَمَح فيها الخَطأَ في الإسنادِ والمَتنِ، فأعرَضَ عن أن يَسُوقَها بإسنادِهَا مَساقَ رواياتِهِ في كتابِهِ، إذ كانت عنده على نحوٍ لَم يَطمئنَّ إليه. ثمَّ بعد هذا، لو كان الحديثُ موقوفًا لفظًا فقط، كان مَرفُوعَ المَعنَى؛ لأنَّ الصحابِيَّ إذا حَكَى التَّحريمَ أو التَّحليل، أو الأمرَ أو النَّهيَ، كان مَحمَلُهُ على النَّقل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

* وقد تكلَّمنا في هذا المَعنَى فيما مَضى، في شرح حديث "أُحِلَّت لنا مَيتَتَان" (٥٧٢٣)، وأَشَرنا إلى بعض أقوال الأئِمَّة في ذلك، ونَزِيدُ هنا قولَ الخَطيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>