للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وذكر الخطيبُ (١١/ ٤٧٠) أنَّ أبا إسحاق الحربي سُئل: أكان عليُّ بن المديني يُتَّهمُ بشيءٍ من الكذب؟ فقال: لا، إنما كان حدَّث بحديثٍ فزاد في خبره كلمةً ليُرضي بها ابن أبي داود.

* قلْتُ: فحاشالله أن يزيد ابنُ المديني من عند نفسه عامدًا وإنما أخطأ الوليد بن مسلم في هذه اللفظة كما قال ابن المديني وأقرَّهُ أحمدُ.

* وإنما قال ابن المديني ما قال تقيةً لا عقيدةً، فأنكر عليه الإمام أحمد أشد الإنكار وهجره وبدَّعه وكذَّبهُ فيما روى، وهذا كان مذهبًا لأحمد اجتهد فيه، أملاهُ عليه جسامة الخطب بالفتنة الملعونة التي فرَّقت بين العلماء، وكثيرًا ما ينفسخ عزمُ القلب في المحن، والثابت على الحق من ثبَّته اللهُ تعالى.

* وكان ابنُ المديني ضعيفًا على المحنة، فقد قال عليُّ بن الحسين بن الوليد: حين ودَّعْتُ عليّ بن المديني، قال: بلِّغ أصحابنا عني أن القوم كفارٌ ضُلاّلٌ، ولم أجد بُدًّا من متابعتهم, لأني جلست في بيتٍ مظلمٍ ثمانية أشهرٍ، وفي رجلي قيدٌ ثمانية أمنان حتى خفتُ على بصري، فإن قالوا: يأخذ منهم، فقد سبقت إلى ذلك فقد أخذ من هو خيرٌ مني.

* وذكر ابنُ عمار أن ابنَ المديني قال: ما في قلبي مما قُلْتُ وأجبتُ إليه شيءٌ ولكني خفتُ أن أقتل قال: وتعلم ضعفي وأنِّي لو ضربت سوطًا واحدًا لمُتُّ. اهـ.

* فهذا عُذْرُ عليّ بن المديني رحمه الله، وقد ترخص مثلما ترخَّص عمَّار بن ياسر ثم رجع عن قوله وأبدا عذره.

* ومع ما قاله أحمدُ فإنه روى عن عليٍّ في مسنده نيفًا وستين حديثًا، وهذا يدفع ما ذكر عن عبد الله بن أحمد قال: كان أبي حدّثنا عنه، ثُمَّ أمسك عن اسمه، ويقول: حدثنا رجل، ثم ترك حديثه بعد ذلك.

* وعلَّق الذهبيُّ على هذا بقوله: "بل حديثُهُ عنه في "مسنده".

<<  <  ج: ص:  >  >>