للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن السارق إذا سرق فإنما يأخذُ النفيس الغالي، وهذا يدلُّ على حُسْنِ انتقاء بندار لأحاديث داود بن أبي هند.

* ونظيره ما رواه ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (١/ ١/ ٣٣٠) عن ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي قال: "كان إسرائيل -يعني: ابن يونس- في الحديث لصًا". قال ابن أبي حاتم: يعني: "أنَّهُ يتلقفُ العلم تلقُّفًا".

* وروى هذه الكلمة عثمانُ بن أبي شيبة، عن ابن مهديّ بلفظ: "إسرائيل لصٌّ يسرقُ الحديث". فكأنه رواها بالمعنى، ولو سُلِّم أنَّ هذا لفظ ابن مهديّ لحُمِل على ما فسره به أبو حاتم، بدليل أن ابن مهدي كان يُقَدم إسرائيل في حديث أبي إسحاق السبيعي على الثوريّ وشعبة؛ فمن المحال أنْ يقصد بسرقة الحديث ما هو ما معروف في "الاصطلاح". لذلك لم يُحسن الحافظ رحمه الله صنعًا، لأنَّهُ أورد كلمة ابن مهدي برواية عثمان بن أبي شيبة عنه بدون تعقيب عليها. فالله تعالى يسامحنا وإياه.

* وكلماتُ الثناء التي ظاهرُها الجرحُ موجودةٌ في كلمات بعض العلماء من ذلك قول أبي حاتم الرازي أنَّ شعبة كان يقول: "إسماعيلُ بن رجاء شيطان" يعني من حُسْن حديثه. ذكره ابنُ أبي حاتم في "علل الحديث" (ج١ / رقم ٢٤٨) عن أبيه. وهذه فائدةٌ نفيسة خلت منها كتب التراجم التي ترجمت لإسماعيل، فاهنأ بها!.

* وقد تحتمل كلمةُ أبي موسى وجهًا آخر، حاصله أنَّ بندارًا كان حريصًا على جمع العلم والاستئثار به، فلو قدر على الاستحواذ على حديث داود بن أبي هند فلا يشركه فيه أحدٌ لفعل.

* يدلُّ على ذلك ما رواه الخطيب في "تاريخه" (٢/ ١٠٤) من طريق محمَّد بن المسيب، قال: لما مات بُندار!! جاء رجلٌ إلى أبي موسى، فقال: يا أبا موسى!

<<  <  ج: ص:  >  >>