للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* [وهو مثال على أنَّ الأسانيد هي الحجة في إثبات الاتصال أو الانقطاع]

* ذكر المزي في "التهذيب" (٣/ ١٤٠) في ترجمة: "إسماعيل بن عبد الكريم" عن ابن معين أنه قال فيه: "ثقةٌ، رجلُ صدقٍ، والصحيفة التي يرويها عن وهب، عن جابرٍ ليست بشيء، إنما هو كتابٌ وقع إليهم، ولم يسمع وهبٌ من جابرٍ شيئًا".

* فتعقَّبه المزيُّ قائلًا: "روى أبو بكر بن خزيمة في "صحيحه" (١٣٣) عن محمد بن يحيى، عن إسماعيل بن عبد الكريم، عن إبراهيم بن عقيل، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: هذا ما سألتُ عنه جابر بن عبد الله وأخبرني أنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "أوكوا الأسقية، وغلّقوا الأبواب. . الحديث". وهذا إسنادٌ صحيحٌ إلى وهب بن منبه، وفيه ردٌّ على من قال: إنه لم يسمع من جابرٍ، فإنَّ الشهادة على الإثبات مقدمةٌ على الشهادة على النفي. وصحيفة همام عن أبي هريرة مشهورةٌ عند أهل العلم ووفاة أبي هريرة قبل وفاة جابرٍ، فكيف يُستنكر سماعُهُ منه، وكانا جميعًا في بلدٍ واحدٍ؟ " اهـ.

* قلتُ: وهذا كلامٌ نفيسٌ، يدل على ما ذكرتُهُ في مطلع هذا البحث: أنَّ صحة السند في إثبات السماع مقدمةٌ على نفي العالم.

* ولكن الحافظ ابن حجر اعترض على المزي في هذا؛ فقال في "تهذيب التهذيب" (١/ ٣١٦): أمَّا إمكان السماع فلا ريب فيه، لكن هذا في همام، فأما أخوه وهب الذي وقع فيه البحث فلا ملازمة بينهما، ولا يحسُن الاعتراض على ابن معين بذلك الإسناد، فإنَّ الظاهر أنَّ ابن معين كان يُغلِّط إسماعيل في هذه اللفظة عن وهب: "سألتُ جابرًا". والصواب عنده: "عن جابر". انتهى كلامه.

* ولم يصنع الحافظُ شيئًا، لأن ابن معين لم يذكر مستنده في ذلك فإذا كان الراوي ثقة، وهو وشيخُه أبناءُ بلدٍ واحدٍ وتعاصرا طويلًا وصرَّح بسماعه فكيف

<<  <  ج: ص:  >  >>