للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فكان الراوي من هؤلاء يتجمل أمام ابن معين، ويظهر الاستقامه في حديثه أثناء وجوده، خشية أنْ يقول ابنُ معين فيه، كلمة فيسقط رأس ماله كله إلى يوم القيامة (!).

* ومن جراء هذا، وثق ابنُ معين بعضَ المشهورين بالكذب (!) من هؤلاء: محمد بن القاسم الأسدي. كذّبه أحمد وأبو داود وابن حبان والدارقطني. وقال النسائي: "ليس بثقة". وقال أحمد والبخاري: "رمينا حديثه". ومع ذلك نقل ابن أبي خيثمة عن ابن معين قال: "ثقة وقد كتبت عنه" (!) فأيهما تقدم أيها الدكتور؟ [وراجع ترجمة: داود بن المحبر]

* قال الشيخ العلامة النَّقَّادُ ذهبيُّ العصر المعلمي اليماني رحمه الله تعالى ورضي عنه في "تعليقه على الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص -٣٠): وعادة ابن معين في الرواة الذين أدركهم أنه إذا أعجبته هيئة الشيخ يسمع منه جملةً من أحاديثه، فإذا رأى أحاديثه مستقيمة ظن أنَّ ذلك شأنه فوثقه وقد كانوا يتقونه ويخافونه.

فقد يكون أحدهم من يخلط عمدًا، ولكنه استقبل ابن معين بأحاديث مستقيمة، ولما بَعُدَ عنه خلط.

فإذا وجدنا ممن أدركه ابن معين من الرواة من وثّقه ابن معين وكذّبه الأكثرون أو طعنوا فيه طعنًا شديدًا، فالظاهر أنه من هذا الضرب، فإنما يزيده ثوثيقُ ابنِ معين وهنًا، لدلالته على أنَّه كان يتعمد" اهـ.

* قُلْتُ: وهذا نظرٌ بديعٌ للغاية، يدلُّ على تبَحُّر الرجل في هذا الفن، وله تحقيقات لم يسبق إليها فيما أعلم تدل على عُلو كعبه، وسَعَة علمه. فرحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>