للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودينه، وتقوية خلقه، وتربية شخصيته المستقلة الممتازة.

* فهو مستقل الرأي، يدور مع الدليل حيث دار، لا يتعصب لمذهبه ولا لغيره. وكتبه العظيمة -وخاصةً هذا التفسير الجليل- فيها الدلائل الوافرة. ونجده -مع أنه شافعي المذهب- يفتي في مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد. ثم يُمتَحن ويلقى الأذى، فيثبت على قوله، ويصبر على ما يلقى في سبيل الله.

* وهو -تلميذ شيخ الإِسلام ومن خاصَّة أنصاره- يعرف ما كان بين شيخه شيخ الإِسلام، وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي- ومع ذلك فإنه لا يُعين عليه في محنةٍ لحقته، بل يعلن عن غبطته بأن تزول عنه المحنة.

* فيذكر في "التاريخ"- في حوادث سنة ٧٤٣ (١٤/ ٢٠٤) أنه أرجف الناس كثيرًا بقاضي القضاة -في دمشق- "واشتهر أنه سينعقد له مجلس للدعوى عليه بما دفعه من مال الأيتام إلى الطنبغا وإلى الفخري. وكُتبت فتوى عليه بذلك في تغريمه، وداروا بها على المفتين، فلم يكتب لهم أحد فيها غير القاضيِ جلال الدين بن حسام الدين الحنفي، ورأيت خطَّه عليها وحده بعد الصلاة. وسُئلتُ في الإفتاء عليها فامتنعتُ؛ لما فيها من التشويش على الحكام" ثم يقول: "وكانوا له في نيَّةِ عجيبة، ففرَّج الله عنه بطلبه إلى الديار المصرية".

* فهذا خُلُق أهل العلم النبلاء الأتقياء.

* وقد طار ذكره في الأقطار الإِسلامية، حتى إنه ليذكر في حوادث سنة ٧٦٣ (١٤/ ٢٩٤ - ٢٩٥) أن شابًّا عجميًا حضر من بلاد تبريز وخراسان، "يزعم أن يحفظ البخاريّ ومسلمًا وجامع المسانيد والكشاف للزمخشري وغير ذلك"، وأنه امتحنه بقراءة مجالس من البخاري وغيره بحضرة قاضي القضاة الشافعي وجماعة من الفضلاء ثم قال: وفرح بكتابتي له بالسماع على الإجازة. وقال: أنا ما خرجت من بلادي إلا إلى القصد إليك وأن تجيزني وذِكْرُك في بلادنا مشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>