للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثُمَّ وقفتُ على العَدَد (٨٢) من "مجلَّة العربيِّ" الكُويتيَّة (ص ١٤٤)، تحت عُنوان: "أنتَ تسألُ، ونحنُ نُجيبُ"، بقلم المدعُو عبد الوَارِث كبير، جوابًا له على سؤالٍ عمَّا لهذا الحديثِ من الصحَّة والضعف؟ فقال:

* "أمَّا حديثُ الذُّبَاب، وما في جَناحَيه من داءٍ وشِفاءٍ، فحديثٌ ضعيفٌ، بل هُو عقلًا حديثٌ مُفتَرًى. فمِنَ المُسَلَّمِ به أنَّ الذُّبَاب يَحمِلُ من الجَرَاثِيم والأَقذَار. . . ولم يَقُل أحدٌ قَطُّ أنَّ في جناحَي الذُّبابَة داءً، وفي الآخَر شفاءً، إلا مَن وَضَع هذا الحديثَ أو افتَرَاه، ولو صحَّ ذلك لكَشَفَ عنه العِلمُ الحديثُ الذي يَقطَعُ بمضارِّ الذُّبَاب، ويحُضُّ على مُكافَحتِه".

* وفي الكَلام -على اختِصَارِه- من الدَّسِّ والجَهل ما لا بُدَّ من الكَشف عنه، دِفاعًا عن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصيانَةً له من أن يَكفُر به مَن قد يغتَرُّ بزُخرُف القَول!

* فأقول: أوَّلا: لقد زَعَم أنَّ الحديثَ ضعيفٌ، يعني: من النَّاحيةِ العِلميَّةِ الحَدِيثيَّةِ بدليل قَولِه: "بل هُو عقلًا حديثٌ مُفترًى".

* وهذا الزَّعمُ واضحُ البُطلانِ، تَعرِفُ ذلك ممَّا سَبَق مِن تخريج الحَدِيثِ من طُرُقٍ ثلاثٍ عن رسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكُلُّها صحيحةٌ. وحَسبُكَ دليلًا على ذلك أنَّ أحدًا مِن أهل العِلمِ لم يَقُل بضعف الحَدِيث كما فَعَل هذا الكَاتِبُ الجريءُ!

* ثانيًا: لقد زَعَم أنَّهُ حديثٌ مُفترًى عقلًا! وهذا الزَّعمُ ليس وُضوحُ بُطلانِهِ بأقلَّ مِن سابِقِه؛ لأنَّهُ مُجرَّد دعوى لم يَسُق دليلًا يُؤَيِّدُه به سوى الجَهلَ بالعِلمِ الذي لا يُمكِنُ الإحاطةُ به، أَلستَ تراه يقولُ: "ولم يَقُل أحدٌ. . . ولو صحَّ لَكَشَفَ عنه العِلمُ الحديثُ. . . "؟!

* فهل العِلمُ الحديثُ -أيُّها المِسكينُ! - قد أَحاطَ بكُلِّ شيءٍ عِلمًا، أم أنَّ أهلَهُ الذين لم يُصابوا بالغُرُور -كما أُصِيبَ مَن يُقَلِّدُهُم منَّا- يقولون: إنَّنا كُلَّما

<<  <  ج: ص:  >  >>