للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وشيخُه حمَّادٌ مولَى أُميَّة تَرَكَهُ الأَزدِيُّ. وجَنَاحٌ مولى الوليد وثَّقَه ابنُ حِبَّانَ, ولكن تَرَكَهُ الأَزدِيُّ أيضًا. فالسَّنَدُ ضعيفٌ جِدُّا.

* وتَسَامَحَ الحافظُ العِراقيُّ في نقدِهِ لهذا الحديثِ، فقال في "تخريج الإحياء" (١/ ١٤٣): "إِسنادُه ضعيفٌ"!

* وكم لهذا التَّسامُح مِن مَضارٍّ، لا سيَّما في أحاديثِ فضائلِ الأعمال، فإِنَّ المذهبَ السَّائد عند كَثيرٍ مِن المُتأَخِّرين هُو جَوَازُ العَمَل بالضَّعيف في فضائل الأعمال، خِلافًا للرَّاجح عِندَنَا، وهو تَركُ العَمَل بالضَّعيف مُطلَقًا, فإِذَا تَسَامَحَ المُحدِّثُ في حُكمِه، فحَكَم علَى الحديثِ الباطِل، أو المُنكَرِ، أو الواهي، بالضَّعف فقط، سارَعَ إليه الوَاعِظُون والمُحاضِرُون، وذَكَرُوه مُحتَجِّين به، عمَلا بالقاعدة السَّابِقة، ومهما تَأتيهم بِكُلِّ آيةٍ على وَهَاء الحديثِ، فلا يَقبَلُون ذلك مِنك؛ لأنَّ الحافظ الفُلانِيَّ ضَعَّفه "فَقَط"، وكَم وَقَعَ ناسٌ بِسَبَبِ هذا في الاحتجاج بأحاديثَ باطِلةٍ، أو واهِيةٍ، بسبب تَسامُح الحافظ العِراقيِّ في نقده لأحاديث "إِحياء عُلوم الدِّين".

* ومِن مَضَارِّ هذا التَّسامُح أيضًا، أئهُ قد فَشَا عند كَثيرٍ مِن المُتأخِّرين أنَّ الأحادِيثَ الضعِيفَةَ يُقَوِّي بَعضُها بعضًا، دون مُراعاةٍ للشُّرُوط التي وَضعَهَا العُلماءُ للتَّقوِيةِ، فإذا رأَى بعضُ هؤلاءِ مَن تَسامَحَ في نَقدِه، فوصف الحديثَ الباطلَ، أو المُنكَرَ، بالضَّعف فَقط، ظَنَّ أنَّهُ يَصلُح في التَّقوِية، فصَحَّحُوا، أو حَسَّنُوا مِئاتِ الأحاديث المُنكَرة. ولَمَّا كان الغالِبُ علَى الذين صَنَّفُوا في مُصطَلَح الحديث مِن المُتأخِّرين، أَنَّهُم مِمن غَلَب عليهم صِناعةُ الفِقه، واحتاجُوا عِلمَ الحديث ليُصَحِّحُوا أدِلَّتَهم، ولم يَكُن لهم ذَوقُ المُحَدِّثين، ولا نَقدُ الحُفَّاظ المُبَرَّزِين، فقد تَوَسَّعُوا جدًّا في تقوية الأحاديث الضَّعيفة، وإن شئت فقُل: المُنكَرة، بعضِها ببعضٍ، ممَّا حَدَا ببعض المُعاصِرين إلى الغُلوِّ، فقال: "إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>