للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشَقَ فعفَّ" وقد تَمَّ والحمدُ لله، رَددتُ فيه على الغُمَاريِّ أبي الفَيضِ، إذ قَوَّى حديثَ: "مَن عَشَقَ فَعفَّ، فَمَاتَ، مَاتَ شهِيدًا". وهو حديث أبطَلَهُ سائرُ عُلماءِ الحَديثِ.

* والثانيةُ: قولُهُ: "إنَّما أَفحَشَ القَولَ فيه ابن مَعينٍ للعصبِيَّة المَذهَبِيَّةِ، ومُشارَكَتِهِ نُعيمَ بنَ حَمَّادٍ في روايةِ الحديثِ الوَارِدِ في ذَمِّ الحَنَفِيَّةِ".

* فأقُولُ: هذا هو الظَّنُّ الكَاذِب بِعَينِهِ. ولم يَقُل أحدٌ قَطّ أن ابن مَعِينٍ تكلَّم في سُوَيدٍ لأجل هذا، إنَّمَا تكَلَّم فيه بسَبَبِ أوهَامٍ وَقَعَت لهُ في أحاديثَ، مِنهَا حدِيثُ: "مَن عَشَقَ فعَفَّ، ومنها حديثُ: "مَن قَالَ في دِينِنَا برَأيِهِ فاقتُلُوهُ" فقال ابن مَعِينٍ: "ينبَغِي أن نَبدَأَ بسُوَيدٍ فيُقتَلُ"!

* وأنكَرُوا عليه أحاديثَ، إِمَّا دَلَّسَها عن رِجالٍ مجرُوحِينَ، وإمَّا لَقَّنوهُ إيَّاهَا فرَوَاهَا. وهذا كافٍ في إِسقاطِ أَيِّ راوٍ. فما دَخلُ العَصبِيَّةِ المَذهَبِيَّةِ هنا؟!

* وهذا دَأَبُ الغُمَارِيِّ، إذا لم يَجِد جَوابًا سَدِيدًا على اتِّهامٍ قَوي، اختَرَعَ تُهمةً فأَلصَقَهَا بالخَصمِ، كما اتَّهَم البُخارِيَّ بأنَّهُ يميلُ إلى مَذهَب "النَّصْبِ" لمُجرَّدِ أنَّه رَوَى عن رِجالٍ يَمدَحُون من يُنَاصبُ عليًّا الخُصُومَةَ، كما مضَى التَّنبِيهُ على ذلك في الحديثِ رقم (٣١).

* وإذا كانَت العَصَبِيةُ المَذهَبيَّةُ الحَنَفِيَةُ. تحمل ابن مَعِينٍ على جَرحِ مَن ليس بمجُروع، فلِمَ لم يَتَكَلَّم ابن مَعِينٍ في مالكٍ والثَّورِيِّ والاوزَاعِيِّ وغيرِهِم كَثيرٍ، وقد تكلَّمُوا في أبي حَنيِفَةَ نَفسِه؟

* مع أنَّ كلامَ الثَّورِيِّ فيه صرِيحٌ جدًّا، ومُؤذٍ للحنفيَّة غاية الإيذاء، فقد قال: "لم يُولَد في الإِسلام مولُودٌ أشأَمَ عليه من أبي حَنيفَةَ"، وقال أيضًا: "استَتبتُ أبا حنيفَةَ من الكُفرِ مرَّتَين".

<<  <  ج: ص:  >  >>