للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس: أنَّ لابن معين مقامًا عاليًا في الحديث فنعم والله، وأنه لا يتهم بالتهاون معهم فنعم، وحاشاه، ولكن ابن معين ليس ممن يعلم الغيب، ويعلم مخبوء النفوس.

وقد كان مهيبًا من الرواة يخافونه ويخشون جانبه، حتى إذا قال أبو حاتم الرازي: "إذا رأيت الرجل يبغض ابن معين فاعلم أنه كذاب". ونقل الخطيب في التاريخ (١٤/ ١٨٤) مثل هذا عن محمَّد بن هارون الفلاس المخرمي. فكان الراوي من هؤلاء يتجمل أمام ابن معين، ويظهر الاستقامه في حديثه أثناء وجوده، خشية أنْ يقول ابن معين فيه كلمة، فيسقط رأس ماله كله إلى يوم القيامة (!).

ومن جراء هذا، وثق ابن معين بعضَ المشهورين بالكذب (!) من هؤلاء: محمَّد بن القاسم الأسدي. كذّبه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والدارقطني. وقال النسائي: "ليس بثقة". وقال أحمد والبخاري: "رمينا حديثه". ومع ذلك نقل ابن أبي خيثمة عن ابن معين قال: "ثقة وقد كتبت عنه" (!) فأيهما تقدم أيها الدكتور؟

قال الشيخ العلامة النَّقَّادُ ذهبيُّ العصر المعلمي اليماني -رحمه الله تعالى ورضي عنه- في "تعليقه على الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص- ٣٠): "وعادة ابن معين في الرواة الذين أدركهم. . . [تُراجع هذه الفقره في ترجمة "المعلمي اليمان" من الألقاب]

ومن هؤلاء الرواة أيضًا:

محمَّد بن كثير القرشي. قال أحمد: خرقنا حديثه. وقال البخاري: "منكر الحديث" يعني لا تحل الرواية عنه كما هو مصطلحه. وقال ابن المديني: "كتبنا عنه عجائب، وخططت على حديثه". أما ابن معين، فسأله إبراهيم بن

<<  <  ج: ص:  >  >>