للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمْرُ في ذلك قَرِيبٌ ممَّا ذَكَرْناه في القُرْءِ، وذلك أنَّا لا نُنْكِرُ أنَّ العَوْلَ قد يَقَعُ على الجَوْرِ، فلا حاجةَ بهم إلى الاسْتِشْهادِ الكثيرِ، ولكنَّا نَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ: (ذلك أدنى ألا تعولوا) إنَّما أريدَ به كثرةُ الْعِيالِ، وذلك أنَّ زيدَ بنَ أسْلَمَ قد قالَهُ، وعبدَ الرحمنِ بنَ زيدٍ، وَوَافَقَهما على ذلك الشَّافِعِيُّ، ومَن قال بمَقالَتِهِ، والشَّافِعِيُّ مِن اللغةِ بالْمَكانِ الذي كان به، فهذا مِن جِهَةِ التَّوْقِيفِ.

وأمَّا اللُّغَةُ، فقد قال بعضُ أهلِ العِلْمِ: إنَّ العربَ تقولُ: عالَ الرجلُ، إذا كَثُرَ عِيالُه، وأعَالَ بمعنًى واحدٍ. وقال: إنَّ معنَى عالَ يَعُولُ –وإن كان مَرْجِعُه إلى مَالَ يَمِيلُ- فهو يعُودُ إلى كَثْرَةِ الْعِيالِ، وذلك أنَّ الرجلَ إذا كَبُرَ ضَعُفَ عن عَيْلِهِنَّ وعَجَزَ، فيُقال: عَالَ عن ذلك. أي: ضَعُفَ.

وذهب بعضُ أصحابِ هذه الْمَقالةِ إلى أنَّ معنَى الآيةِ: (ذلك أدنى ألا تعولوا)، أي: لا تَمُونُوا عَدَدًا كثيرًا مِن الْعِيالِ، فلعلَّكم لا تُطِيقُون ذلك، يُقال: الرجلُ عالَ عِيالَه: إذا مَانَهم، قال النبيُّ عليه السَّلامُ: "خَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كان عنْ ظَهْرِ غِنًى، وابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ"، وأنْشَدَنِي أبو منصور الْقَطَّانُ، قال: أنْشَدَنِي الهَجَرِيُّ بمكةَ، فقال:

<<  <   >  >>