للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب الحدود]

أصْلُ الحُدودِ مِن قَوْلِك: حَدَدْتُ. إذا مَنَعْتَ، فَسُمِّيَتْ هذه الحدودُ مِن مَعْنَيَيْنِ:

أحدُهما، أنَّها حُدَّت لتكونَ مانِعَةً عن التَّعَدِّي إلى ما لا يَحِلُّ.

والوَجْهُ الآخَرُ، أنَّما مانِعَةٌ بِأَنْفُسِها عن أن تُعَدَّى، بل هي على ما حَدَّهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ.

وأمَّا الرَّجْمُ، فالضَّرْبُ بالحِجارَةِ، وأصْلُه مِن الرِّجامِ، والرِّجامُ: الحجارةُ، فسُمِّيَ الضَّرْبُ بالرِّجامِ رَجْمًا.

وأمَّا الجَلْدُ، فمِن قَوْلِكَ: جَلَدْتُ فُلانًا، ضَرَبْتُ جِلْدَهُ، كما تقولُ: رَأَسْتُهُ. أي: ضَرَبْتَ رَاسَهُ، وبَطَنْتُهُ، أي: ضَرَبْتُ بَطْنَهُ، فكذلك جَلَدْتُه، معناه: ضَرَبْتُ جِلْدَهُ.

وكلُّ شَرابٍ أسْكَرَ كثيره، فَقليلُه حَرامٌ، وفيه الحَدُّ قِياسًا على الخَمْرِ، وذلك أنَّ الخمرَ مَأخُوذٌ مِن مُخَالَطَتِها لِلْعَقْلِ، وتَغْطِيَتِها له، فكُلُّ ما عَمِلَ عَمَلَها، مِن مُخالَطَةِ العَقْلِ، وتَغْطِيَتِهِ، فهو مِثْلُها في التَّحْرِيمِ، فإذا كان قَليلُ الخَمْرِ حَرَامًا، فقَلِيلُ ما سِواهُ حَرامٌ، مِمَّا يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِها.

<<  <   >  >>