للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هذا النوع أول وآخر. ومن أمثلة سيبويه فيما لا فعل له: "أحنك الشاتين والبعيرين" أي آكلهما، و"آبل الناس" أي أرعاهم للإبل. ومن أمثلة غيره: هذا الثمر أصغر من غيره، أي أكثر صغرا، وهذا المكان أشجر من هذا، أي أكثر شجرا، وفلان أضيع من غيره، أي أكثر ضياعا.

والصحيح أن أحنك من قولهم احتنك الجراد ما على الأرض أي أكله، ولكنه شاذ لكونه من افتعل، فهو نظير أشد من اشتد ونظير قولهم هو أسوأ من هذا بمعنى أشد من استوأ. وكذا الصحيح أن آبل من قولهم أبل الرجل إبالة، وآبل أبلا إذا درب بسياسة الإبل والقيام عليها فلا شذوذ فيه أصلا وكذا الصحيح أن أصغر من صغر الرطب إذا كان ذا صغر فلا شذوذ فيه أيضا. وكذا أشجر هو من قولهم أشجر المكان أي صار ذا شجر، ولا شذوذ فيه على مذهب سيبويه، لأن أفعل عنده يساوى فعَل وفعِل وفعُل في بناء أفعل التفضيل منه. وقد تقدم بيان ذلك. وكذا قولهم فلان أضيع من غيره هو من قولهم أضاع الرجل إذا كثرت ضياعه ولا شذوذ فيه على مذهب سيبويه. ونظيره هو أعطاهم للدراهم وأولاهم للمعروف، وهذا المكان أقفر من ذاك، والفعل من جميعها على وزن أفعل. ومن المحكوم بشذوذه لكونه مزيدا فيه قول عمر رضي الله عنه "إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع" فأوقع أضيع موقع أشد تضييعا ومن المحكوم بشذوذه من جهتين قولهم هذا أخصر من هذا، فبنوه من اختُصر وفيه مانعان: أحدهما أنه مزيد فيه، والثاني أنه فعل ما لم يسم فاعله. ومثله - على مذهب سيبويه - قولهم فيمن أصيب بمكروه: هو أصوب من غيره، وهو من أُصيب فعلى مذهب سيبويه ليس بشاذ إلّا من قبل أنه من فعل المفعول.

<<  <  ج: ص:  >  >>