للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه النقول تعطي أن الكذب في الكلام ترد به الرواية مطلقا، وذلك يشمل الكذبة الواحدة التي لا يترتب عليها ضرر ولا مفسدة.

وقد ساق صاحب (الزواجر) الأحاديث في التشديد في الكذب، ثم قال (ج ٢ ص ١٦٩): "هذا هو ما صرحوا به، قيل: لكنه مع الضرر ليس كبيرة مطلقا، بل قد يكون كبيرة كالكذب على الأنبياء، وقد لا يكون - انتهى".

وفيه نظر -بل الذي يتجه أنه حيث اشتد ضرره بأن لا يحتمل عادة كان كبيرة، بل صرح الروياني (١) في "البحر" بأنه كبيرة وإن لم يضر، فقال: "من كذب قصدا


= فوائد تتعلق بالترك:
١ - قال العراقي في "شرح ألفيته" (٢/ ١١): "فلان فيه نظر، وفلان سكتوا عنه"، هاتان العبارتان يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه.
٢ - ذكر عن يحيى بن سعيد القطان أنه كان إذا رأى الرجل يحدث عن حفظه مرة هكذا، ومرة هكذا، ولا يثبت على رواية واحدة، تركه.
نقله عنه الترمذي في "العلل الصغير" من آخر كتابه "الجامع" (٤/ ٣٩٠ - بشرح التحفة).
وقال الترمذي أيضا في نفس الموضع: " ... وإن كان يحيى ترك الرواية عن هؤلاء -يعني: شريك، وأبا بكر بن عياش، والربيع بن صبيح، والمبارك بن فضالة- فلم يترك الرواية عنهم لأنه اتهمهم بالكذب، ولكنه تركهم لحال حفظهم".
فلا يغتر بقولهم: "تركه يحيى القطان" ويظن أن هذا الراوي متهم بالكذب.
(١) هو الإمام أبو المحاسن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل الروياني الشافعي، توفي سنة اثنتين وخمسمائة, له كتاب "بحر المذهب في الفروع"، وهو الذي عناه المعلمي هنا، وهو غير الحافظ الروياني صاحب "المسند".
قال السمعاني في "الأنساب" (٦/ ١٩٨) عن صاحب "البحر":
"كان من رءوس الأئمة والأفاضل لسانا وبيانا، له الجاه العريض والقبول التام في تلك الديار، وحميد المساعي والآثار، والتصلب في المذهب، والصيت المشهور في البلاد، والإفضال على المنتابين والقاصدين إليه".
وقال تاج الدين السبكي عن كتابه "البحر" في "طبقات الشافعية الكبرى" (٧/ ١٩٥): "ومن تصانيفه "البحر" وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب, إلا أنه عبارة عن "حاوي" الماوردي، مع =

<<  <  ج: ص:  >  >>