للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدعته، ولم يعرف صدقه وأمانته، ولم يعرف أن ذاك الحديث معروف غير منكر، فيسيء الظن به وبمروياته، ولا يبعد من الجوزجاني أن يصانع عما في نفسه بإظهار أنه إنما يحاول هذا المعنى فبهذا تستقيم عبارته.

أنها الحافظ ابن حجر ففهم منها معنى آخر، قاله في "النخبة وشرحها" (سيأتي الكلام معه قريبًا).

ولابن قتيبة في كتاب "تأويل مختلف الحديث" كلام حاصله:

"أن المبتدع الصادق المقبول لا يُقبل منه ما يُقَوِّي بدعته، ويُقبل منه ما عدا ذلك. قال: "وإنما يَمنع من قبول قول الصادق فيما وافق نحلته وشاكل هواه أن نفسه تُرِيه أن الحق فيما اعتقده، وأن القربة إلى الله عز وجل في تثبيته بكل وجه، ولا يؤمن مع ذلك التحريف والزيادة والنقص".

كذا قال، واحتج بأن شهادة العدل لا تقبل لنفسه وأصله وفرعه، وقد مَرَّ الجواب عن ذلك (١). ولا أدري كيف يُنْعَتُ بالصادق من لا يؤمن منه تعمد التحريف والزيادة والنقص؟! وإنما يستحق النعت بالصادق من يوثق بتقواه، وبأنه مهما التبس عليه من الحق فلن يلتبس عليه أن الكذب بأي وجه كان منافٍ للتقوى، مجانب للإيمان.

... (٢) والمقصود هنا أن من لا يؤمن منه تعمد التحريف والزيادة والنقص على أي وجه كان فلم تثبت عدالته، فإن كان كل من اعتقد أمرًا ورأى أنه الحق وأن


(١) راجع مبحث "التهمة بالكذب"، و"الفرق بين الرواية والشهادة".
(٢) استطرد المعلمي هنا في بيان أن فيمن يَتَسِمُ بالصلاح من المبتدعة وكذا من أهل السنة من يقع في الكذب إما تقحمًا في الباطل، وإما على زعم أنه لا حرج في الكذب في سبيل تثبيت الحق وأن هذا لا يختص بالعقائد وأنه وقع فيما يتعلق بفروع الفقه وغيرها، ثم بيَّن أن كثرة وقوع الكذب ليست بمانعة من معرفة الصدق إما بيقين وإما بظن غالب يجزم به العقلاء. [راجع الفصل الأول من الوجه الأول من أوجه الطعن في العدالة]، ثم بين عناية الأئمة بحفظ السنة وحراستها والكشف عن دخائل الكذابين والمتهمين، وسيأتي في قوله "والمقصود هنا ... " بيان قيمة هذا الاستطراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>