للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن دينار عن الصحابة غير مسموعة"، وقد حمل الترمذي (١) رواية حماد على الوهم، وقال: "سمعت محمدًا -يعني البخاري- يقول: ابن عيينة أحفظ من حماد" (٢).

ولكن ذكر الحافظ في "الفتح " (٩/ ٥١٣) أن حمادًا توبع، ثم قال: "والحق أنه إن وجدت رواية فيها تصريح عمرو بالسماع من جابر، فتكون رواية حماد من المزيد في متصل الأسانيد، وإلا فرواية حماد بن زيد هي المتصلة".

أقول: إن لم يثبت عن عمرو ما يدل على التدليس غير هذا، فينبغي حمل كلام الحاكم على الصحابة الذين لم يلقهم عمرو، وقد بين الأئمة كثيرًا منهم في ترجمة عمرو من "التهذيب"، وهذا عند الحاكم تدليس، كما صرح به، والحق أنه لا يلزم من ثبوت هذا عن الراوي أن يحكم عليه بالتدليس في شيوخه الذين قد سمع منهم، ثم يحمل ما وقع في هذا الحديث على نحو ما تقدم في الذي قبله، وهو أن عمرًا أراد تكريم محمد بن علي؛ لقرابته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفضله، فروى عنه ما قد سمعه هو من شيخه، والله أعلم.

ثم رأيت في "مسند" أحمد (٣/ ٢٦٨) "ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن عمرو ابن دينار، عن جابر بن عبد الله، قال: "كنا نفعله على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني العزل، قال: قلت لعمرو: أنت سمعته من جابر؟ قال: لا" والحديث في "الصحيحين" (٣) من طريق عمرو، عن عطاء، عن جابر مصرحًا فيه بالسماع، فقد يقال إن عمرًا إنما يفعل مثل هذا فيما سمعه نادرًا، حيث قد حدَّثَ بالحديث على وجهه، ويكون سمعه من ثقة متفق عليه.


(١) "الجامع" (١٧٩٣)، وقال: رواية ابن عيينة أصح.
(٢) لعل البخاري عني: في الجملة، لا في هذا الحديث بعينه؛ ولا في روايتهما عن عمرو كما سيأتي؛ وبدليل أن البخاري لم يخرج رواية ابن عيينة وخرج رواية حماد كما سبق.
(٣) أخرجه البخاري برقم (٥٢٠٨) من طريق سفيان قال عمرو: أخبرني عطاء، سمع جابرا، أما مسلم فأخرجه (١٤٤٠/ ١٣٦) من طريق معقل عن عطاء، قال سمعت جابرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>