للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنموذج الذى سيق للتدليل على هذا العنى لا يُغني شيئا.

وهو قول البخاري في سليمان بن بريدة بن الحصيب: "لم يذكر سماعا من أبيه" وقد ولد هو وأخوه عبد الله في بطن واحد على عهد عمر، وقد أدركا من أبيهما ثلاثين سنة أو أكثر، وقد كان معه بالمدينة إلى أن ذهب إلى البصرة، إلى أن استقر أخيرا بمرو في خراسان، وهو معه في جميع تنقلاته، هكذا قرر العوني.

أقول:

مع ذلك كله لم يُثبت البخاري لهما السماع، ولم يخرج في صحيحه لسليمان عن أبيه شيئا، ولم ينفرد بذلك، بل توقف في هذا السماع: أحمد في أصح الروايات عنه ونفاه إبراهيم الحربي.

وإذا كان هذا مع ما سبق من توفُّر حيثيات السماع، فما بالك بما هو أقل من ذلك بكثير؟.

وقد استدل العوني على أن نفي البخاري العلمَ بسماع سليمان من أبيه إنما هو خبر مجرد، ليس فيه قصد الإعلال أو التوقف عن الحكم بالاتصال: بنقل الترمذي في كتابه "العلل الكبير" (بترتيب القاضي ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣) عن البخاري قوله: "أصح الأحاديث عندي في المواقيت: حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي موسى، قال: وحديث سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه في المواقيت، وهو حديث حسن، ولم يعرفه إلا من حديث الثوري".

استدل العوني على ما سبق بتحسين البخاري لحديث سليمان عن أبيه، وبإخراج مسلم له فى صحيحه (٦١٣)، وبتصحيح ابن خزيمة (٣٢٣، ٣٢٤) وابن الجارود (١٥١) وابن حبان (١٤٩٢) له في صحاحهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>