للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرجه مسلم من طريقه كذلك في "الصحيح" عن شيخه إبراهيم بن محمد بن عرعرة السامي، عن حرمي بن عمارة، عن شعبة به.

فسواءٌ قلنا إن البخاري لم يقف على رواية شعبة أصلا -وهو بعيد- أو قلنا إنه لم يرها محفوظةً، كما عُهد عن غير واحد من النقاد إذا عبروا بهذه الجملة، فهو يَرى أن الحديث لا يُعرف إلا من طريق الثوري، عن علقمة بن مرثد، وهذا يؤيد معنى الغرابة الذي قدمنا.

ورواية شعبة مدارها على حرمي بن عمارة، وقد رواها عنه غير ابن عرعرة شيخ مسلم: جماعةٌ منهم: ابن المديني، وبندار -محمد بن بشار-.

ولما روى بندار هذا الحديث عن حرمي، ذكره لأبي داود -الطيالسي- فأنكره عليه، وقال: صاحب هذا الحديث ينبغي أن يُكَبَّرَ عليه.

قال بندار: فمحوتُه من كتابي.

وكأنَّ أبا داود رأى أن هذا الحديث ليس من حديث شعبة -وقد كان من المكثرين عنه والمقدَّميِن فيه- وأن الوهم إما من حرمي بن عمارة راويه عن شعبة، أو من بندار نفسه، فمحاه بندار من كتابه خشية أن يكون الحديث خطأ.

هذا هو الظاهر من استنكار أبي داود، لكن ابن خزيمة لم يفهم منه هذا، بل كأنه فهم أن أبا داود يستنكر الحديث من أصله، لا من رواية شعبة فحسب، فقال في صحيحه: "ينبغي أن يُكبَّر على أبي داود؛ حيث غلط، وأن يُضرب بندار عشرة؛ حيث محا هذا الحديث من كتابه، (وهو) حديث صحيح على ما رواه الثوري أيضا عن علقمة، غلط أبو داود، وغيَّر بندار". اهـ.

وحرمي بن عمارة ليس من المقدَّمِين في شعبة، وله عنه أوهام، وقد استنكر عليه الإمام أحمد حديثين عن شعبة، -صحَّحَ الشيخان أحدَهما، ووصفه أحمد بالغفلة مع كونه صدوقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>