للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص (٧١ - ٧٥):

استطرد العوني في استدلاله على أن نفي العلم بالسماع ليس دليلا على اشتراط العلم به، وإنما هو نفي لنفس السماع، فذكر ثلاثة أمثلة تدل على أن مسلما نفسه استعمل الإعلال بنفي السماع، والمفترض أنه لا يذهب هذا المذهب، بل يُشَنِّع على قائله، فهو دليل على أنه لم يقصد نفي العلم المجرَّد، بل نفي السماع بالقرائن التى وقف عليها.

وهاك الجواب عما ذكره من الأمثلة:

المثال الأول:

ذكر مسلم حديثًا في كتابه "التمييز" من رواية محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن جده عبد الله بن عباس، وهو حديث: "أن النبى -صلى الله عليه وسلم- وقَّت لأهل المشرق العقيق"، ثم تعقبه بقوله: "لا يُعلم له سماعٌ من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه".

قال العوني:

"لم يلجأ مسلم إلى الجزم بعدم السماع اعتمادا على عدم المعاصرة، وإنما لجأ إلى الإعلال بنفي العلم بالسماع، التي هي عبارة عن ترجيحٍ لعدم السماع.

قال: ويشهد لوقوع المعاصرة فعلا بين محمد بن علي وجدّه: أن ابن حبان ذكر محمد بن علي في طبقة التابعين، ولم يذكر له رواية عن صحابي غير جدّه ابن عباس.

قال: واستدل لوقوع المعاصرة أيضا الشيخ أحمد محمد شاكر بطبقة الآخذين عن محمد بن علي، حتى مال إلى صحة سماعه من جده.

وقال: بَيَّن ابنُ القطان في "بيان الوهم والإيهام" أن سبب الشك في سماع محمد ابن علي من جده ابن عباس أنه أدخل بينه وبينه واسطة في بعض حديثه عنه. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>